الجديدة محاولة ترمى إلى التوفيق بينها وبين العقيدة الإسلامية. وإ ثنينية الروح والمادة (الفعل والقوة) والله والعالم أوضح عند ابن سينا مما هى عند الفارابى، كما أنه عرض مسألة خلود النفوس الفردية على وجه أدق. وهو يعرف المادة بأنها إمكان الوجود، وليس الخلق إلا نوال الوجود وتحققه بالفعل بعد أن كان بالقوة، وليست الماهية والوجود شيئا واحدا إلا فى الله، أما فيما هو خارج عنه فالوجود عارض على ماهيته. ويسمى نوال هذا الوجود بلغة الإلهيات "خلقا" وهذا الخلق قديم. والله الذى هو واجب الوجود وواحد لا كثرة فيه من أى جهة من جهاته علة ضرورية من شأنها أن تفعل منذ القدم، ومعلولها الذى هو العالم يكون على هذا قديما كذلك. وهذا العالم ممكن فى نفسه (حادث) ضرورى بعلته. ويفرق ابن سينا بين حدوث هذا العالم الذى هو ممكن وضرورى فى آن واحد، وبين حدوث جميع الكائنات الأرضية التى لاتدوم إلا حينا من الزمن، ذلك لأن الإمكان محصور فيما دون فلك القمر. ولقد قادته بنوع خاص آراؤه عن النفس من الوجهة الإلهية إلى أنظار صوفية، بعضها فى قالب شعرى. وكما اضطره مرة خطر داهم إلى الفرار من وجه أعدائه متنكرا فى زى الصوفية، كذلك يحتمل أن تكون قد ألجأته الضرورة فى ساعات انقباضه إلى الكتابة بروح صوفية، وإذن فتصوفه شئ عارض يتوج بناء مذهبه، ولكنه لا يدعمه أو يقومه.
المصادر:
(١) توجد مصنفات ابن سينا وغيرها من المصنفات القديمة فى Gesch d. ar. Litt: Brockelmann, جـ ١ ص ٤٥٢ وما بعدها.
(٢) ويوجد له من الكتب المطبوعة أيضا: قصيدته عن النفس، طبعت ضمن "الكشكول" للعاملى، وطبعت كذلك مع شرح المناوى بالقاهرة عام ١٣١٨ هـ وطبعها أيضا كاراده فو مع ترجمة فرنسية وشرح لرجل مجهول، المجلة الأسيوية،
يولية- أغسطس سنة ١٨٩٩.
(٣) مبحث عن القوة النفسانية، طبعة فان ديك Nan Dyck القاهرة سنة ١٣٢٥ هـ.