وكانت للمسلمين المهاجرين من الأندلس مشاركة قيمة في النهوض بدراسة الأدب وفقه المالكية منهم ابن الأبار وقاضي القضاة ابن الغماز، وقد وفدا من بلنسية؛ وبنو عصفور من أشبيلية وكذلك بنو خلدون أجداد ابن خلدون مؤرخ شمالي إفريقية الأشهر (ولد عام ١٣٣٢ م).
كان القرن الرابع عشر موضع إعجاب الرحالة خالد البَلَوى (عام ١٣٣٥ - ١٣٤٠) فهو العصر الذهبي للفقهاء والمفسرين، ومن هؤلاء قضاة القضاة ابن عبد الرفيع وابن عبد السلام وعيسى الغُبْرينْى والقاضي وابن راشد القَفْصى والمفتى ابن هارون ثم ابن عرفة-لإمام. الجليل. أما في ميدان السياسة فإنا لم نأنس في الحكام إلا ضعفًا وفي المحكومين إلا اضطرابًا وخوفًا. فليس أيسر من أن يهدد الأعراب المدينة، كما احتلها المرينيون مرتين. وكان نموها ناحية الغرب وناحية الجنوب الغربيّ بالغ القوة في القرن السابق ثم أعقبه عصر ركود ولا نقول عصر اضمحلال. ومع ذلك فنحن نذكر أن مدرستين قد أنشئتا في هذا العهد، ابتنت الأولى أخت الخليفة أبي يحيى أبي بكر (١٣١٤ - ١٣٢٤ م)، وتعرف بالمدرسة العُنْقية (وقد عمرت فيما بعد وهي في شارع عنق الجمل)، وبنى الأخرى ابن تَفراكين الحاجب، وقد أصبحت الآن أطلالا (في شارع سيدى إبراهيم). ومن سمات هذا العصر أن المهندسين قد عنوا أولًا وقبل كل شيء بما تتطلبه ضرورات الحرب. فقد عمَر أبو الحسن المرينى بعد هزيمته في القيروان عام ١٣٤٨ م أسوار مدينة تونس واحتفر حولها خندقًا؛ ودعم ابن تفراكين الأسوار الخارجية وأنشأ أحباسا عظيمة لحمايتها.
فإذا انتقلنا إلى عا م ١٤٠٠ م وكان القرن الخامس عشر، فقد استقرت أمورها السياسية أكثر من ذي قبل فنشطت لذلك حركة المبانى نشاطًا ملحوظا، بيد أنها لم تكن واسعة النطاق في الواقع. ولم يشيد أبو فارس وحفيده أبو عمر عثمان في حكمهما الطويل إلا خزانتى كتب ومدارس قليلة، وانصرف جل اهتمامهما إلى أعمال البر