للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فابتنيا أول مارستان إسلامي في تونس، وقد تم بناؤه عام ٨٣٢ هـ (١٤٢٠ م) وعدة زوايا في الأرباض يلتجئ إليها الناس في النهار والليل جميعا، كما اهتما بما يتصل بالماء مدفوعين إلى ذلك بعامل الدين أيضًا: فأنشأ مأجلا (وهو صهريج كبير) في المصلى، وميضأة في سوق العطارين عام ٨٥٤ هـ (١٤٥٠ م) وسقايات ومصَاصة، وهي ضرب من السبل يمص فيه الإنسان الماء من صنبور. ويكشف لنا هذا كله لونا من ورع الضعفاء العاجزين. وأخذ المرابطون وأصحاب الطرق يسيطرون على الدين يوما بعد يوم. وقد وصف آل القَلجْانى (١) وبنو الرَصاع في هذا العصر بأنهم فقهاء مبرزون، وكانت لتونس خطبة (٢) ثامنة في ربض باب إلسويقة. عام ١٤٥١. وأبرز رجال هذا العصر سيدى أحمد بن عروس (انظر مناقبه، تونس، سنة ١٣٠٣) الذي وفد من مراكش ودفن في زاويته عام ١٤٦٣ م وهو صاحب الطريقة العروسية؛ وسيدى قاسم الجَليزى (٣) الذي جاء من الأندلس.

وتوفى عام ١٤٩٧ م وزاويته التي دفن فيها قريبة من باب خالد التي سمى منذ ذاكُ ب "باب سيدى قاسم" وسقفها مكسو بالآجر على النمط الأندلسيّ، وسيدى منصور بن جرِدان (٤) المتوفى ١٤٩٩.

والظاهر أن التجارة كانت آخذة بأسباب الرقى وقتذاك؛ وقد حافظت تونس على اتصالها بأوربة رغم عدة حوادث، بل لعلها ازدادت توثقًا؛ ويتجلى ما بلغته الصناعة والتجارة المحلية فيها من شأن أيام أبي فارس حتى قبل أن يعفيها من كل مجبى (ضريبة) من الأرقام الخاصة بعام التي وردت في تحفة الأريب لعبد الله


(١) الصحيح القلشانى.
(٢) يراد جامع لصلاة الجمعة، وهذا الجامع هو ثامن الجوامع المؤسسة في تونس، ويسص الآن جامع التفافتة لكثرة من تولى إمامته من آل النفاتى، وكانوا من أعلام أهل العلم.
(٣) هكذا يجرى على الألسنة، وجماعة من علماء تونس اختاروا كتابته بتقديم الزاى على الجيم فيقولون الزليجى والزلاج (انظر معاهد التوحيد).
(٤) له زاوية في تونس بها ضريحه.