عشرين مرة فى القرن السادس عشر. وهذا الإحصاء لا يشمل إلا الطبعات الكاملة للقانون، أما الطبعات التى تقتصر على قسم أو أكثر فلا حصر لها، وظل يدرس فى أوروبا إلى عهد قريب، إذ كان من أهم مراجع جامعة مونبلييه حتى العقد الثالث من القرن التاسع عشر (Civil des - Le Bon Arabes ص ٥٢٨) وعنى بدراسة طب ابن سينا أخيرا ده كوننج De Koning وليبيرت وهرشبرغ وغيرهم. أما الفلسفة فهى ميدان انتصاره الخالد، فقد حلت كتبه فيها محل كتب أرسطو عند فلاسفة الأجيال اللاحقة، قال ابن خلدون: وتجد الماهر منهم عاكفا على كتاب الشفاء والإشارات، والنجاة" (المقدمة، طبعة باريس، جـ ٣، ص ١١٧). بدأ بتأليف الشفاء إبان وزارته، وأتمه عام ٤١٨ هـ، وكتب النجاة فى هذا العام نفسه وهو فى طريقه إلى الحرب مع علاء الدولة، ويؤخذ من رواية لحاجى خليفة (جـ ٦، ص ٣٠٣ وما بعدها) أن الجوزجانى أتم هذا الكتاب، وكتب الإشارات بعد عام ٤٢٠، ويجدر بنا أن نقف قليلا عند آرائه فى النفس والإلهيات.
يرتب ابن سينا النفوس ترتيبا تصاعديا. فيتحدث أولا عن النفس النباتية ثم الحيوانية ثم الناطقة، وهو يدرس النفس الناطقة من جهات مختلفة. وليس فى كلامه عن الحواس شئ جديد غير وصفه الفسيولوجى لمراكز الحواس من المخ وانتقال الصور المحسة فى الجهاز العصبى على أحسن ما كان يسمح به علم الحياة فى عصره. وأثر جالينوس فى هذه الناحية ظاهر، أما آراؤه فى العقل فهى تخالف آراء سلفيه الكندى والفارابى بعض المخالفة. نظر إلى العقل على أنه قوة تستكمل بالمعقولات شيئا فشيئا، فالعقل "هيولانى" فى بادئ الأمر خال من كل معقول، ثم يصير "بالملكة " إذا استكمل بالمعقولات الأولى، ثم "بالفعل" إذا حصل شيئا من العلوم الكسبية. ثم مستفادا إذا كانت تلك العلوم الكسبية حاضرة فيه بالفعل وهو يطالعها بالفعل. والعقل يكتسب العلم بالفكر والحدس. والفكر (Pensee discursiv) حركة للنفس الناطقة تبحث بها عن الحدود الوسطى لمطلوب ما حتى إذا ظفرت بها رتبتها قى مقدمات قياسية،