وجرم سماوى حتى ينتهى الصدور إلى العقل العاشر وهو "الفعال" فى عالمنا هذا. وهو على عكس أرسطو يرى أن العقل الأول -لا الله- هو المحرك الأول.
وإله أرسطو لا يعقل إلا ذاته وهو مشغول بها عما عداها. أما إله ابن سينا فليس يعقل ذاته فقط بل يعقل الماهية الكلية كما يدرك الجزئيات ولكن من حيث هى كلية فلا يعزب عنه مثقال ذرة. ويرجع إداركه للجزئيات إلى علمه بعللها ومباديها كما يرجع إدراك النجومى بكل كسوف جزئى إلى علمه بالحركات السماوية علما كليا.
وتحيط عناية الله بكل شئ، ويعرف ابن سينا العناية فيقول:"هى إحاطة علم الأول بالكل وبالواجب أن يكون عليه الكل حتى يكون على أحسن نظام. فعلم الأول بكيفية الصواب فى ترتيب وجود الكل" منبع لفيضان الخير فى الكل". فإذا كان الله خيرا محضا وأبدع الموجودات على ما يقتضيه الخير فمن اين جاء الشر فى هذا العالم؟ يختم ابن سينا إلهياته بنظرية فى التفاؤل تقرب من نظرية ليبنتز Leibniz الفيلسوف الألمانى فهو يرى أن الشر إنما يلحق الأشياء التى فى طباعها استعداد للتغير والتبدل، فالشر إذن يلازم القوة وبالحرى"المادة"، على أن المادة التى هى مصدر الشر طفيفة محدودة لأنها هى هذه المادة العنصرية الموجودة دون فلك القمر. ولا يقف تفاؤل ابن سينا عند حصره الشر فى المادة العنصرية دون الفلكيه بل يحصره فى الأشخاص دون الأنواع، ويذهب إلى أبعد من ذلك فيقول إن الأشخاص لا يصيبهم الشر دائما بل أحيانا. فالمادة علة الشر، والشر محدود محصور، والله لم يقض به إلا بالعرض" إذ أنه أراد الخير إرادة أولية، ولم يعبأ بما قد تؤدى إليه المادة من شر مادام الخير موجودا. فتفاؤل ابن سينا يقول إن عالمنا يغلب خيره على شره، فهو إذن "أفضل العوالم الممكنة" كما يقول ليبنتز.
مصادر أخرى:
(١) AVICENNA: CHAUVIN مجلة MUSEON Nouv.serie جـ ٤، ص ٧٧ - ٩٠.
(٢) Etudes sur Metaphysique: Dj.Saliba d,Avicenne باريس سنة ١٩٢٦.