على آراء الفيلسوف الإسلامى، وقد أثبت فورلانى (فى مقالة Cogito ergo Islamicas um di Certesic المجلد ٣، ص ٥٣ - ٧٢، ليبسك ١٩٢٧) أن النصين الواردين فى الشفاء عن هذا الموضوع (الشفاء، النفس، م ١، ف ١، م ٥، ف ٧) كان قد نقلهما إلى اللاتينية الفيلسوف غليوم أوفرنى.
أما الهياته فموضوعها البحث فى "الوجود المطلق". ويبدأ ابن سينا إلهياته بتحديد صلة "الوجود" بماهيات الأشياء، فيرى أن هناك من الأشياء مالا يؤخذ فى حده معنى الوجود، كالمثلث مثلا فإنا نتمثله خطا وسطحا ولا نتمثله موجودا، مثل هذا الشئ وجود , زائد على ماهيته عارض عليها، وهو يحتاج فى وجوده إلى علة. ولما كانت العلل لايمكن أن تتداعى إلى غير نهاية لامتناع الدور والتسلسل فلابد من الانتهاء إلى علة أولى بالإطلاق ماهيتها عين وجودها، وهذه العلة لا نستطيع أن نتمللها معدومة، لأن مهايتها الوجود نفسه، ولأنها مبدأ كل موجود. هكذا يؤدى التمييز بين ماهية الشئ ووجوده إلى التمييز بين "الممكن" و"الواجب"، إذ الممكن ما يستوى وجود. وعدمه، والواجب هو الضرورى الوجود الذى يترتب على عدمه عدم كل موجود، ويقابلهما العالم والله على الترتيب.
ولقد كان العالم عند أرسطو قديما قدم الله، ومثل هذه الأثنينية لاتتفق مع نزعة المسلم إلى التوحيد، لذلك لما اضطر ابن سينا إلى القول بقدم العالم حتى يجعل أفعال الله قديمة مثله، رأى أن يجعل الله متقدما على أفعاله القديمة "بالذات" بالزمان، والزمان نفسه -مع أنه قديم- مخلوق أيضا تقدمه الواجب بالذات لا بزمان آخر.
وقد فاض العالم عن الله بمحض إرادته لا عن حاجة الى ذلك. فكان عنه أولا العقل الأول الذى هو ممكن فى ذاته واجب بعلته. وهذان الاعتباران فى العقل الأول هما بدء حدوث الكثرة فى الوجود، وفاض عن العقل الأول بعقله لعلته الواجبة عقل ثان" وبعقله لذاته الواجبة بعلتها نفس الفلك الأول، وبعقله لذاته الممكنة جرم هذا الفلك. وهكذا تستمر الموجودات فى التكاثر فيصدر عن كل عقل عقل آخر ونفس فلكية