وقد خلق آدم يوم الجمعة السادس من نيسان فى السنة الأولى. وطرد من الجنة فى اليوم نفسه، وتوفى يوم الجمعة فى الساعة التى كان فيها خلقه (الطبري، جـ ١، ص ١٥٥ وما بعدها، المسعودى جـ ١، ص ٦٠، ٦٩، اليعقوبي، جـ ١، ص ٤) ودفن، هو وحواء، فى مغارة هى مغارة الكنوز عند سفح أبى قبيس بالقرب من مكة (الطبري، جـ ١، ص ١٦٣، اليعقوبي، ص ٤). ويروى الثعلبى (ص ٣٠) أن جثمان آدم حمل بعد الطوفان إلى بيت المقدس، متبعاً فى ذلك رواية نصرانية تقول إنه حمل من فلك نوح إلى الجُلجُلَة (جلجثة) قلب الأرض (مغارة الكنوز، ص ٣٨ - ٤٢. ٨٤، ١١٢، ١٤٨) حيث يقوم "معبد آدم" في كنيسة القبر المقدس (انظر Der Omphalosgedanke M.H. Roscher.
ليبسك سنة ١٩١٨، Kon-: E. Wifstrand stantin Kirche heiliRen GoteborR سنة ١٩٥٢، ص ٣٠ وما بعدها).
ولم يكن آدم أول البشر فحسب، بل كان أيضاً أول النبيين. ومن ثم أصبح مكانه متأثراً بالمنحى الإسلامى فى التفكير. وكما أن عيسى هو آدم الثانى فى النصرانية، فقد عقدت فى الإسلام صلة بين آدم ومحمد، فآدم هو أول الرسل ومحمد هو خاتم الرسل. وفى مذهب السبعية فإن آدم هو أول الناطقين السبعة، ويقول بعضهم إنه كان يوجد من قبله أناس وناطقون، وكان شيث هو وصيه، وهم يميزون بين "آدم الكّلى" الذى هو "العقل" يبدأ منه الفيض، و"آدم الجزئي" وهو أول إنسان فى وقت الاستتار. وكان آدم هذا هو آدم المثالي الذى سجد له الملائكة لأنه كان ربانياً، إذ حلت فيه روح الله، وكان ذلك يسمى أحياناً "الحلول" الذى تتصل حلقاته بفعل "التناسخ". وقد جعل هذا الإنسان المثالي الربانى هو "الإنسان الكامل" عند الهيلينية، وكان هو نفسه الذى عرفه الحلاج باسم "الناسوت". ولما كان محمد قد أصبح قطب الخلق، وهى فكرة أكدتها الصوفية بخاصة، فإن "حقيقته" أو "نوره" هو الذى تجلى فى آدم، وقد خلقت المخلوقات جميعاً من أجل محمد، كما خلق آدم وذريته من نوره (المسعودي، جـ ١، ص ٥٦؛ السيرة الحلبية، ص ٢٣، الثعلبى، ص ١٦).