الدولة العثمانية على الدفاع عن تلك الأراضي في آسيا وحسن إدارة شئونها. ولا نستطيع أن نفعل ذلك إلَّا إذا استولينا على قواعد أقرب لتركية آسيا من مالطة [من كتاب من سالسبورى لسفير إنكلترة بالآستانة بتاريخ ٩ مايو ١٨٧٨ - الوثيقة رقم ١٤٥ من كتاب أسس السياسة البريطانية].
تفسر هذه الآراء الاتفاق الذي عقد بتاريخ ٤ يونية ١٨٧٨ الذي تسلمت الحكومة البريطانية بموجبه جزيرة قبرص، كما تفسر أيضًا اتفاق الحكومتين البريطانية والنمساوية بتاريخ ٦ يونية ١٨٧٨ على توحيد غاياتهما في المؤتمر نظير السماح للحكومة النمساوية باحتلال إقليمى البوسنة والهرسك.
بعد هذه التمهيدات وغيرها اجتمع المؤتمر في برلين وتولى رياسته بسمارك. أعلن في أثنائه الاتفاق الخاص بقبرص وثارت ثائرة الوفد الفرنسى - وكان لا بد من إرضالْه للوصول بسفينة المؤتمر لبر السلامة. وعمل بسمارك من جانبه على إصلاح ما بين الإنكليز والفرنسيين، فكان عرض تونس على فرنسا. وتم هذا العرض واضحًا، قال سالسبورى لوادنجتن رئيس الوفد الفرنسى ببرلين ووزير الخارجية:"افعلوا بتونس ما تريدون. إنكم ستضطرون لامتلاكها، لا يمكنكم ترك قرطاجنة للبرابرة" وكرر ذلك اللورد بيكونزفيلد، وأكده نفس ولى العهد البريطانى في باريس [راجع في ذلك - على سبيل المثال - الوثيقة رقم ٣٣٠ من المجلد الأول في مجموعة الوثائق الفرنسية: رسالة من وادنجتون لداركور سفير فرنسا في لندن بتاريخ ٢١ يوليه سنة ١٨٧٨].
وقد شرعت وزارة ديفور (وهي الوزارة التي قبلت هذا العرض) تستعد فعلًا لتنفيذه بالتمهيد له في تونس. ولكنها عدلت عنه. ولم يتم تحقيقه كما نعرف إلَّا في أثناء سنة ١٨٨١ وعلى يد وزارة جول فرى (Jules Ferry) بانية الإمبراطورية الفرنسية الاستعمارية الجديدة.