محمد حدثا في السابعة من عمره قد ختم القرآن فبعث به إلى الأزهر يجاور فيه. ونضب معين محمد شيئًا فشيئًا بعد رحيل طاهر إلى مكة فعزم على أن يبحث عن والده في السودان. فقد وردت الأخبار إلى القاهرة بأنه رحل إلى دارفور عقب وصوله إلى سنار. ولقى في القافلة التي وصلت القاهرة من دارفور صديقًا لأبيه فرجاه أن يأخذه معه إلى دارفور ففعل. ولاشدُ أن ذلك كان عام ١٢١٨ هـ (١٨٠٣ م). ولقى في دارفور أول الأمر أحمد زروق أخا أبيه غير الشقيق فأخذه إلى جلتو من أعمال أبي الجدل حيث كان يقيم أبوه عمر. وكان قد علا نجمه في حاشية السلطان يعيش في رخاء ويسر، وقد تزوج فيها من جديد وأنجب. وشرح عمر بأمر من عبد الرحمن بن أحمد سلطان دارفور المتوفى عام ١٢١٤ هـ الموافق ١٧٩٩ (انظر جريدة ملوك دارفور) كتابين في الفقه والشريعة (انظر Voyage au Dar- Fuor. ص ١٠٧، وانظر عن تواليفه الأخرى ص ٤٢٤) (ولما وصل محمد (انظر Nachtigal: Sahara and Sudan جـ ٣، برلين سنة ١٨٧٩, ص ٣٨٧ ويسميه أبو شيخ كرا) إلى دارفور كان محمد كرا وصيًا على السلطان الحدث محمد الفضل. وقد لقى محمد كرا حتفه بعد ذلك في فتنة. وقدم أحمد زروق إلى محمد كرا محمدا فتلقاه بقبول حسن. وسمح كرا لعمر بالرحيل إلى تونس لزيارة أقاربه بعد أن وعده بالرجوع ثانية. وترك عمر أملاكه في جلتو إبان غيابه في يد ولده محمد.
وذهب عمر أول الأمر إلى واداى ومكث فيها سنوات، ذلك أنه كان يتطلع إلى منصب رفيع في حاشية سابون سلطان، وقد اختير للوزارة وحصل على أملاك في قرية أبلى. وانتظر مجئ ولده إلى هناك دون جدوى فعزم على الرحيل إلى تونس. ومكث محمد بعد رحيل أبيه سبع سنوات ونصفًا في دار فور عرف خلالها البلاد وأهلها معرفة تامة. ولم يتمكن من الشخوص إلى واداى إلَّا بعد أن وضعت الحرب أوزارها بين دارفور وواداى، إذ ذهب إليها على رأس وفد من قبل سلطان دارفور. وقد بلغ أولًا وارة وكانت مقر سلطان سابون وقتذاك فأسبغ عليه من