للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

معًا! (١) وكأن ابن حزم أراد توضيح فكرته، فذكر أن الأصل الثاني المحدث هو كلمة الله المسيح التي بها خلق الله العالم (٢).

ومهما يكن من فكرته وتفسيرها فإن البغدادي كان محقًا حين أنكر أن هذا الرجل شارك الثنوية والمجوس في القول بخالقين، وأنه لهذا لا يمكن أن يعد فرقة من فرق الإسلام، كما لا يعد النصارى من الفرق الإسلامية (٣).

ثانيًا - ونحب هنا أن نلاحظ أنه قد تبين مما تقدم:

١ - أنه غير صحيح ما ذكره بعض المستشرقين R. Strothmann من أن البغدادي أخطأ في عبد المرقونية من الثنوية مخالفًا بذلك غيره من مصنفى النحل، فقد رأينا أن ابن النديم والشهرستانى والرازى معه فيما ذكره.

٢ - وأن المراد بالصانعين اللذين قال بهما الباطينة يتضح تمامًا إذا رجع الباحث إلى البغدادي في الفَرق بين الفِرق والإسفرايينى في التبصير، وأن هذين الصانعين هما الله والنفس التي خلقها الله وأشركها معه - على ما قال الباطنية - في الخلق والتدبير.

٣ - كما يتبين أخيرًا أن البغدادي لم يتعسف - حسبما يقول هذا المستشرق - في تأكيده الطابع المجوسى الوثنى في النحلة الباطنية؛ فقد شاركه في ذلك غيره من مؤرخى أرباب الملل والنحل والأهواء المختلفة، وكل ما بين الباطنية والثنوية من فرق في هذه الناحية هو -كما ذكرنا من قبل- الاختلاف في التسمية والتعبير فحسب.

ثالثًا - هذا، وقد أشار هذا إلى ابتلاء المسلمين بالثنوية التي أسرها كثير ممن دخل من فارس في الإسلام كابن المقفع وأمثاله، وهذا حق. لقد ذاعت هذه النحلة بين طائفة من الذين تظاهروا بالإسلام ولم يخالط قلوبهم، ونستطيع أن نذكر لذلك مثلًا عدة مستقين من المراجع الأصلية التي بين أيدينا.


(١) الانتصار للخياط المعتزلى ص ١٤٨، والفرق بين الفرق ص ٢٦٠.
(٢) الفصل ٤: ١٩٧ - ١٩٨.
(٣) الفرق بين الفرق ص ٢٦١.