بعد كتاب الحيوان الذي لم يتم قط:"كتاب البغال" (طبعة Pellat. القاهرة سنة ١٩٥٥). أما "كتاب البيان والتبيين"(طبعة عبد السلام هارون، القاهرة سنة ١٣٦٧ هـ = ١٩٤٨ م- ١٩٥٠ في أربعة مجلدات، وغير ذلك من الطبعات) فالظاهر أنه في أساسه ابتكار لما أصبح يسمى "العلوم الإنسانية العربية" قصد به التنويه بقدرة العرب في البلاغة والشعر، ويحاول الجاحظ فيه أن يبرر ها اختاره بعرض أسس فن الشعر، ولكنه فعل ذلك على نحو بعيد كل البعد عن التنظيم كما أبان أبو هلال العسكرى (كتاب الصناعتين، ص ٥) إذ صح عزمه على أن يكتب في ذلك رسالة أكثر منهجية.
وثمة صفة أخرى للعرب، وهي الكرم، نوه بها الجاحظ في "كتاب البخلاء" (طبعة الحاجرى، القاهرة سنة ١٩٤٨ وغيرها من الطبعات! الترجمة الألمانية بقلم Rescher: O. ... Expcerpti الترجمة الفرنسية بقلم Ch. Pellat, باريس سنة ١٩٥١ (، الذي هو في الوقت نفسه معرض للصور، وحملة على غير العرب، وتحليل للبخل مما لانجد نظيره في أي كتاب عربي. وقد واتته كل المواتاة قدراته النافذة على الملاحظة، وتشككه الخفيف الظل وميله إلى الفكاهة؛ ونزوع عقله إلى السخرية، وتيسر له ذلك على نحو عجيب أتاح له أن يرسم نماذج من البشر والمجتمع. وقد استعمل كل ها أوتى من مهارة في تناول عدة طوائف اجتماعية (المعلمين، والمغنين، والنساخ وغيرهم) ولم يخرج في ذلك -بصفة عامة- عن حدود الاحتشام.
ويشذ عن ذلك "كتاب مفاخرة الجوارى والغلمان" (طبعة Pellat, بيروت سنة ١٩٥٧) فهو يعالج موضوعا دقيقا ولكن يعيبه فحش، أها "كتاب القيان" (طبعة Finkel) فيضم صفحات تدل على دهاء عجيب. على أن هذا الكتاب يدخل حقا في الفئة الأولى التي تشمل المقالات التي جمعها كراوس Kraus والحاجرى: "المعاد والمعاش" و"السر وحفظ اللسان" و "الجد والهزل " و "فصل ما بين العداوة والحسد" وغير ذلك من النصوص التي