في عصره وفي مقدمتهم النطام وثمامة بن أشرس والظاهر أنه كان لهما أثر قوى عليه.
وفي أخريات أيامه أصيب بشلل نصفى، فاعتكف في مسقط رأسه حيث توفى في المحرم سنة ٢٥٥ هـ (ديسمبر سنة ٨٦٨ - يناير سنة ٨٦٩).
وكان للجاحظ -شأن الكثير من الكتاب العرب- إنتاج من الكتب وفير جدًّا. ويسجل ثبت آثاره (انظر Arabica سنة ١٩٥٦/ ٢) ما يقرب من مائتى عنوان، لم يبق منها، صحيح النسبة إليه أو منحولا له، إلا حوالي ثلاثين كتابًا كاملة، وحوالي ٥٠ كتابًا أخرى بقيت منها أجزاء، أما الباقي ففقدت ولا أمل في العثور عليها فيما يظهر. وقد حاول بروكلمان (كتابه المعروف، قسم ١، ص ٢٤١ وما بعدها) أن يصنف كتبه بحسب موضوعاتها الصحيحة أو المفروضة وزودنا بفكرة عن اتساع اهتماماته وتنوعها. وإذا قصرنا نظرنا على كتبه الباقية فحسب، وهي كتب معظمها ميسور في طبعات تختلف قيمتها، فإننا نستبين فيها فئتين كبيرتين: الأولى تندرج تحت عنوان "الأدب الجاحظى" وهي المقصود بها الجنوح إلى تثقيف القارئ بتسليته، ولا يتدخل الكاتب فيها إلا حين يختار الوثائق أو يعرضها أو يعلق عليها؛ والثانية الكتب الأصيلة والمقالات التي يتجلى فيها أكثر من ذلك قدرته كاتبا، وجهوده مفكرًا إلى حد ما.
وأهم كتبه من الفئة الأولى:"كتاب الحيوان"(طبعة عبد السلام هارون، وليس عليها تاريخ، في سبعة مجلدات)، وهو ليس كتابًا في الحيوان بمقدار ما هو ديوان أصيل قائم على الحيوان يؤدى القول فيه أحيانا وعلى غير انتظار إلى الحديث في الكلام، وماوراء الطبيعة وعلم الاجتماع .. إلخ. بل إن المرء قد يجد فيه نظريات في الأجنة دون أن يستطيع المرء أن يقول إلى أي حد هي مبتكرة، ونظريات في تطور الأنواع، وأثر المناخ وعلم النفس عند الحيوان، وهي نظريات لم تتطور إلا حين أقبل القرن التاسع عشر. ويجئ