للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الآية ١٥٤ (١) وفي سورة الأنعام، الآية ٥٤ (٢) وفي سورة الأحزاب، الآية ٣٣؛ وفي سورة الفتح الآية ٢٦.

وقد تعرضت هذه الدائرة لتاريخ الجاهلية وديانتها في مادة "جزيرة العرب". وفرق كولدتسيهر تفرقة بئية بين عرب الجنوب وعرب أواسط الجزيرة. فقد كان الأولون مفطورين على التدين؛ أما الآخرون فلم يكونوا في الواقع على دين. بيد أن هذا الرأى يجب أن يتعدل، لأن كثيرين جد، من عرب الجنوب قد نزحوا إلى الشمال. وكان هذا حال يثرب خاصة. يضاف إلى ذلك ما ذهب إليه الأستاذ مركوليوث، من أننا قد نعثر على نقوش تجلو لنا الأنظار الدينية التي كانت عليها قبائل العرب في أواسط الجزيرة كما حدث بالنسبة لعرب الجنوب وعرب الشمال. على أن عرب أواسط الجزيرة لم يكونوا -فيما نعلم- يحفلون بالأنظار الدينية، نستبين ذلك من الأشعار وغيرها من آثارهم. وغاية ما وصلوا إليه هو الإيمان الغامض بإله، أو الاعتقاد في المنايا والمنون. أما وصف القرآن لعبدة الأصنام فإنما ينصرف على الأغلب إلى زمن متطاول في القدم، وينصرف أقله إلى من عاصروا النبي {- صلى الله عليه وسلم -}، ذلك أن موقف هؤلاء منه يظهرنا على أن تبجيلهم لأصنامهم لم يكن متمكنا من نفوسهم.

أما ما كان يحتفل به العربي الوثنى أكثر من دينه فهو صلته بقبيلته. فالعشيرة هي الموحدة التي ينبنى عليها مجتمعه كله. واستمر الخصام بين القبائل بعد عهد النبي {- صلى الله عليه وسلم -} كما كان قبل ذلك، وإن لم يبلغ مبلغه من الشدة. وظلت الخصومة العنيفة بين الشمال والجنوب مستعرة في خراسان إبان القرن الثاني للهجرة (المسعودى، ج ٦، ص ٣٦ وما بعدها) بل إننا نجد في يومنا هذا أهل الناحية من النواحى يختلفون بين قيسية ويمنية (Stir-: Finn ring Times، ج ١، ص ٢٢٦ وما بعدها) ومعظم الشعر القديم في مدح الشاعر قبيلته وهجائه قبيلة غيره، وقد يكون للقبيلة مدلول جد متسع.


(١) جاء في الأصل الآية ٤٨ وهو خطأ.
(٢) جاء في الأصل الآية ٥٥ وهو خطأ.