ويعبر عن رأى العربي الوثنى في الأخلاق لفظ "المروءة" ومعناها النخوة أو الفضيلة، وهي تقوم أولًا وقبل كل شيء على الشجاعة والكرم. وتبدو شجاعته في عدد من يقتل من عدوه وذوده عن عشيرته كما تبدو في إحسانه إلى عدوه. وهو في هذا قريب الشبه بفارس العصور الوسطى، أما كرمه فيظهر في احتفاله بالقتال أكثر من احتفاله بالغنيمة، وفي استعداده لذبح ناقته قرى للضيف والفقير والمحتاج، وبالجملة فهو يرغب في البذل أكثر مما يرغب في النوال.
وأدى الكرم العربي إلى الإسراف في الطعام والشراب على السواء كما كانت الحال في أوروبة منذ قرن مضى، وقد بذلوا كثيرًا من الجهد في الامتناع عن الخمر عند إسلامهم. وكان بعضهم يرى أن من دواعى الفخر أن يظل في حانوت الخمار حتى يعلن صاحبه نفاد الشراب. ومع ذلك لم يرض العرب عن المدمن على الشراب؛ فقد تبرأت من برّاض بن قيس أكثر من قبيلة لسوء سيرته في ذلك. وظل الشعراء ينظمون الخمريات بعد تحريم الإسلام للخمر بزمن طويل، والشعر والدين يتناقضان في هذا الموضوع تناقضا عجيبا. وبلغ من كلف العربي بالخمر أن أبيح شرابها أيام الأمويين ثم حرم أيام العباسيين.
وكانت المرأة في الجاهلية أكثر تحررًا منها في الإسلام من بعض وجوه، فأجازوا نكاح الأختين ونكاح المقت (١)، ولكن الحجاب لم يكن معروفًا. ولم يكن الطلاق في الجاهلية بأيسر منه في شريعة الإسلام، وكان للنساء حق التطليق كالرجال. والواقع أن صلة
(١) لا ندرى كيف هذا؟ فإن الإسلام هو الذي أعطى المرأة حقوقها في حدود العدل وحررها من سيطرة العنف والعدوان في الجاهلية. فكيف يرى كاتب المادة أن منع الجمع بين الأختين، على ما فيه من الشناعة، تقييد لحرية المرأة؟ ! وكيف يدعى أن المرأة كانت في الجاهلية أكثر تحررًا. وأعجب من هذا كيف يرى أن نكاح المقت من حرية المرأة؟ ! ونكاح المقت أن يزوج الرجل امرأة أبيه، وهو من أقبح أنواع الزواج، بل كان كثير من العرب يبغضه ويستنكره، ولذلك قال الله في شأنه {إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا} [النساء الآية: ٢٢]. قال الزجاج: "المقت) شد البغض. المعنى أنهم علموا أن ذلك في الجاهلية كان يقال أنه مقت، كان المولود عليه يقال له المقتى فاعلموا أن هذا الذي حرم عليهم من نكاح امرأة الأب لم يزل منكرًا في قلوبهم ممقوتا عندهم" لسان العرب ج ٣ ص ٣٩٥ - ٣٩٦.