للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الرجل بالمرأة كانت قبل الإسلام طيبة في بعض نواحيها. ومهما يكن من شيء فقد كان في الإمكان تحسين هذه الصلات، فلما نفذت شريعة الإسلام لم يعد التغيير ممكنا (١). ولم يكن ما في شريعة الزواج عند المسلمين، وهو المستحل، معروفا (٢). وكانت غلة الأرض في بلاد العرب لا تفى أبدًا بحاجة أهلها، إلا في بعض المواضع المجدودة كاليمن والواحات حيث يكثر الطعام. وعاش أهل مكة على نقل السلع بين اليمن وبلاد الشام، إلى جانب ما يربحونه من الحجاج الذين يزحمون مدينتهم كل عام. بيد أن عرب الصحراء كانوا دائما في مسغبة، فكانوا يئدون البنات خشية الإملاق. وكانوا يستكملون ما ينقصهم من لحوم الإبل وألبانها بالإغارة على القبائل المجاورة، ولم تكثر هذه الغارات من جملة زادهم ولكنها ساعدت على إنقاص عدد الآكلين.

وفقد أفردت أربعة شهور من السنة فكانت حرما لا يحل فيها القتال، وكان ذلك لأغراض خاصة بالتجارة والارتزاق وإعانة للقبائل البعيدة المنازل على زيارة الأماكن المقدسة عند العرب وحضور الأسواق. وكانت مكة أهم هذه الأماكن المقدسة، يقصد إليها الحجيج كل سنة، وعكاظأشهر الأسواق. وكانت القوافل تستطيع السير في طول البلاد وعرضها عزلاء أو تكاد. وأحرز النبي أول انتصار له في غزواته بخروجه على "عهد الله" (٣) ولما جعل السنة


(١) هذا كلام لا يتصل بالتحقيق العلمي في شيء.
أحمد محمد شاكر
(٢) الظاهر أنه يقصد "المحلل" وليس المحلل من شريعة الإسلام، بل هو حيلة يصطنعها الجاهلون لتحليل المرأة التي طلقها زوجها ثلاث تطليقات، لتعود إلى مطلقها الأول بزواج جديد، وقد لعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لعن الله المحلل والمحلل له" وأخطأ كثير من الفقاء فزعموا أن العقد صحيح مع اتفاقهم على تحريمه، وأبي كثير من العلماء العارفين بدقائق الشريعة ومقاصد الإسلام أن يجعلوا العقد صحيحا، وحكموا بأن من تزوج المطلقة المبتوتة وفي نيته ونيتهم أن يفعل ذلك ليطلقها لتحل لمطلقها الأول فإن زواجه باطل، ولا تحل به لمطلقها الأول، لأن العبرة في العقود بمعانيها ومقاصدها لا بالفاظها وهم جميعا متفقون على أنه لو تزوجها بشرط تطليقها لتحل للأول كان الزواج باطلًا، فاعتبر هؤلاء ما قصد بالعقد كأنه مشروط فيه وإن لم يشرط فيه لفظًا، إذ عرف منه قصدا. فقد أخطأ كاتب المادة إذ ظن أن "المحلل" من شريعة الزواج عند المسلمين.
(٣) هذه كلمة لم يكن كاتب ليقولها إذا سلك سبيل البحث العلمي، فمانه يرمى إلى غزوة بدر، وهي النصر الأول لرسول الله صلى الله عليه وسلم على المشركين، فظن كاتب المادة أنها كانت خروجها =