ويصف ناصر خسرو (طبعة شيفر، ص ٦٥، ص ١٨١ - ١٨٣ من الترجمة) المدينة بانها كانت بلدة بلا اسوار يبلغ عدد سكانها الذكور ٥.٠٠٠ ذكر يلي أمرهم وال من قبل شريف مكة، واجبه الأكبر هو جباية الأموال. ويرسم ابن جبير (طبعه ده غويه، ص ٧٥ وما بعدها) صورة للبلدة بأكواخها المصنوعة من القصب، وخاناتها المشيدة بالحجر، ومساجدها، ويثنى على صلاح الدين لأنه ألغى المكوس التي كان يجبيها الأشراف.
ولما اضمحلت الخلافة العباسية تحول كثير من التجارة التي كانت تتجه من قبل إلى البصرة إلى جدة، حيث كانت السفن الآتية من مصر حاملة الذهب والمعادن والأقمشة الصوفية من أوربا، للتقى بالسفن الآتية من الهند حاملة التوابل، ومواد الصباغة، والأرز، والسكر، والشاى والحبوب والأحجار الكريمة. وكانت جدة تفرض حوالي ١٠ % من قيمة هذه البضائع مكوسا. واستولى سلاطين المماليك في مصر بعد عام ٨٢٨ هـ (١٤٢٥ م) على حصيلة مكوس جدة إذ أثار ازدهار هذه المدينة طمعهم (كانوا من حين إلى حين يقتسمونها مع أشراف مكة) وبذلك جعلوا جدة تعتمد سياسيا واقتصاديا على مصر (ابن تغرى بردى، ج ٤، ص ٢١، ٤١؛ ج ٥، ص ٧٩).
وقدم البرتغاليون إلى مياه الشرق وراحوا يشنون الغارات على سفن المسلمين منذ سنة ١٥١٢، فجلب ذلك تهديدأ جديدا لجدة بذل المماليك ومن بعدهم العثمانيون محاولات حاسمة لردَه، وقد أقام حسين الكردى، عامل جدة من قبل السلطان قانصوه الغورى، سورأ حول مدينة جدة سنة ٩١٧ هـ (١٥٠٩ م) ويخطئ البتنونى إذ يقول إن ذلك حدث عام ٩١٥ هـ الموافق ١٥٠٩ م) وجعل هذه المدينة قاعدة لشن الهجمات على الأسطول البرتغالى. وقد ابحر لوبوسواريزده ألبركاريا البرتغالى Lopo Soares de: Alberia إلى مرفأ جدة سنة ٩٢٣ هم (١٥١٧ م) لمطاردة أسطول المماليك الذي كان يقوده سليمان رئيس، ولكنه أحجم عن مهاجمة المدينة بالنسبة إلى حصونها