للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهنالك ذهب إلى الخليفة وللقى تأكيدًا بأن الوعد بالمكافاة لا يزال قائمًا فخان ألب تكين وأخذه إلى الخليفة، ونحن نجده بعد ذلك بسنتين متورطًا في مغامرة أبي تغلب الحمدانى في فلسطين؛ وكان في دلك اللحظة مسيطرًا على الرملة، وهي حقيقة اعترف بها الفضل، وهو قائد من قواد الجيش المصري، وكان الوزير ابن كِلِّس قد أنفذه إلى الشام في ذلك الوَقت في حملة على قَسّام وهو مغتصب من دمشق، وعلى أبي تغلب، وكان مفرج وقتئذ على علاقة سيئة ببنى عقيل، فاستنجدوا بأبى تغلب ونشبت الحرب بينه وبين مفرج الذي كان يؤازره الفضل، ومنى أبو تغلب بالهزيمة وأسره أحد مؤيدى مفرج، وطلب الفضل من الجراحى أن يسلمه ابا تغلب حتى يمكنه أن يأخذه معه إلى مصر، وخشى مفرج أن يتخذ الخليفة أبا تغلب صنيعة عليه فقتل أسيره بيديه.

ولم يدم الاتفاق بين مفرج والفضل طويلا وانقلب الفضل عليه، ولكن مفرج كان من الحذق بحيث أقنع الخليفة العزيز بأن يصدر الأوامر إلى قائده بأن يتركه في سلام، ومن ثم سمح لمفرج بأن يصبح سيد فلسطين مرة أخرى وبأن ينهب الأرض سنة ٣٧٠ هـ (٩٨٠ م)، وقد حملت أعمال الابتزاز التي ارتكبها الخليفة على أن يسيِّر عليه حملة في السنة التالية، واضطر إلى الهرب، ومن ثم خرج ليسطو على قافلة من الحجاج كانت عائدة من مكة، والراجح أن ذلك كان في أواخر سنة ٣٧١ هـ (يونيه ٩٨٢ م)، وكان أكثر توفيقًا مع قوة فاطمية ثانية سحقها في أيلة، وعاد إلى الشام ولكنه منى بالهزيمة، ثم سلك طريق الصحراء ولجأ إلى حمص مع بكجور والى سعد الدولة الحمدانى ولعل ذلك كان في نهاية سنة ٩٨٢ م، ومن هناك ذهب إلى أنطاكية حيث طلب حماية الوالى البوزنطى ومعاونته، ويبدو أنه لم يتلق أكثر من الهدايا والكلمات الحلوة، وليس من المحقق أنه عاد إلى الشام، ذلك أننا نجده بعد سنة ٣٧٣ هـ (٩٨٢ م) صحبة برداس فوقاس عندما ذهب لنجدة حلب بعد أن هاجمها الثائر بكجور؛ وحذره من أن الجيش البوزنطى وشيك الوصول فلاذ بكجور بأذيال الفرار.