والظاهر أن المفرج لحق عندئذ ببكجور، ذلك أنه عندما تلقى من الخليفة العزيز ولاية دمشق وتولى منصبه في رجب سنة ٣٧٢ هـ (ديسمبر ٩٨٣ م)، حذر الوزير ابن كأس الخليفة من فتنة محتملة قد يقوم بها بكجور، منذرًا بأن مفرج كان معه وأنه عدو؛ وتبع بكجور، عندما غادر بكجور دمشق إلى الرّقة في رجب سنة ٣٧٨ هـ (أكتوبر ٩٨٨ م) بعد أن هدده جيش من الفاطميين؛ ونحن نجده في السنة التالية يهاجم قافلة من الحجاج في شمال بلاد العرب؛ وقيل إن ابن كلس كان يعتبره شخصا خطرًا فينه وهو على فراش موته سنة ٣٨٠ هـ (٩٩١ م) نصح سيده بألّا يبقى على حياة ابن الجراح إذا وقع في قبضة يده، وبالرغم من هذا فقد صفح عنه الخليفة، ذلك أنه تلقى في السنة التالية هدية من كسوة وجياد أرسلها إليه الخليفة ودعاه إلى الاشتراك في حملة على حلب كان القائد التركى منكوتكين يعد لها إعدادًا واسع النطاق، ولكننا لا نعلم هل اشترك في حملة سنة ٣٨٢ هـ (= ٩٩٢ م) أم في الحملات التالية، ونحن لا نجد ذكرى أخرى له حتى سنة ٣٨٦ هـ (= ٩٩٦ م) وهي سنة وصول الحاكم.
وفي ذلك الوقت كان يؤيد منكوتكين والى دمشق في محاولته الاستيلاء على السلطة من ابن عمَّار وكتامة واشترك في القتال الذي قاده القائد التركى خارج عسقلان ضد سليمان بن جعفر ابن فلاح؛ على أنه اتبع أساليبه المألوفة في المناورة فلم يتردد في هجر منكوتكين وفي العبور إلى معسكر سليمان، وكان أحد أولاده المسمى عليًّا هو الذي طارد منكوتكين وقبض عليه عندما ركن إلى الفرار.
وفي سنة ٣٨٧ هـ (٩٩٧ م) حاول الاستيلاء على الرملة وخرب الناحية، وكان جيش ابن صمصامة والى دمشق الجديد قد سحق ثورة علاقّة في صور فهاجم وطارد المفرج الذي لجأ إلى جبال بنى طي، فلما أوشك أن يقبض عليه اشترك في مهزلة صغيرة إذ أرسل عجائز قبيلته ليطلبن الأمان والصفح فمنحهما، ومن ثم نجد المفرج يرسل سنة ٣٩٦ هـ (١٠٠٥ - ١٠٠٦ م) أبناءه الثلاثة عليًّا وحسانا ومحمودا مع عدد كبير من البدو لمساعدة جيش الحاكم