الجراكسة أصحاب الحظوة لدى خليفة حسن المباشر السلطان حاجى (٧٤٧ - ٧٤٨ هـ = ١٣٤٦ - ١٣٤٧ م) الذي "جلبهم من كل مكان وأراد أن ينشئهم على الأتراك، (النجوم الزاهرة، جـ ٥، ص ٥٦، س ١٤ - ٢٠). والظاهر أن حكم السلطان حاجى كان أقصر من أن يتيع له تنفيذ خطته، ومن ثم أجل وصول الجراكسة إلى السلطة ما بين خمس وثلاثين وخمس وأربعين سنة أخرى.
وكان السلطان برقوق، الذي كان جركسيًا وفردًا من أفراد الكتيبة البرجية، هو الذي حقق الانتصار الأخير لجنسه، بدأبه على شراء أعداد متزايدة من المماليك الجراكسة وإيقافه الصارم في الوقت نفسه شراء المماليك من الأجناس الأخرى. ومن ثم فقد لقب بحق بلقب "القائم بدولة الجراكسة" (النجوم الزاهرة، جـ ٥، ص ٣٦٢). صحيح أنه أسف على فعله هذا حوالي نهاية حكمه على إثر محاولة قام بها الجركس لاغتياله (النجوم الزاهرة، جـ ٥، ص ٥٨٥، ٥٩٨) إلا أن الوقت كان قد فات فلم يستطع تغيير الموقف الذي خلقه هو نفسه. ودفع ابنه وخلفه السلطان فرج (٨٠٩ - ٨١٥ هـ = ١٤٠٦ - ١٤١٢ م) حياته ثمنًا لمحاولته كبح جماح السلطة المتزايدة للجراكسة بلجوئه إلى إعمال المذابح فيهم على نطاق واسع. وقد كتب كاتب متقدم وهو القلقشندى الذي أتم كتابه سنة ٨١٥ هـ (١٤١٢ م) يقول: "أما في زماننا هذا فإنه منذ قام السلطان الملك الظاهر برقوق من جنس الجركس رغب في المماليك من جنسه وأكثر من المماليك الجراكسة حتى صار منهم أكثر الأمراء والجند وقلت المماليك الترك من الديار المصرية حتى لم يبق منهم إلا القليل من بقاياهم وأولادهم". (صبح الأعشى، جـ ٤، ص ٤٥٨، س ١٦ - ١٩).
على أن السلطان المؤيد شيخ (٨١٥ - ٨٢٤ هـ = ١٤١٢ - ١٤٢١ م) الذي وصفه ابن تغرى بردى بأنه يشبه "ملوك السلف" في أن القاعدة عنده لم تكن اختيار الجنود على أساس الجنس بل على أساس الكفاية والشجاعة (المنهل الصافى، جـ ٣، الورقة ١٦٨ أ، س ٢١ - ورقة ١٦٨ ب، س ٤) قد نجح