الجركس فأقاموا -أو أعادوا إقامة- قلاع صوغجوق (سجوق) وكلنجيق، ونوغاى، وآنابه سنة ١١٩٦ هـ (١٧٨٢) وحاولوا أن يعيدوا تنظيم الجركس هم ومهاجرى التتر القادمين حديثًا من القريم والنوغاى الوافدين من دبروجه. وقد عمد فرح على باشا (١١٩٦ - ١١٩٩ هـ = ١٧٨٢ - ١٧٨٥ م) الذي كان رجل إدارة ذا قدرة عجيبة، إلى تشجيع جنوده العثمانيين على إقامة روابط أسرية مع الجركس الذين دعموا النفوذ العثمانى وزادوا من انتشار الإسلام بين الجراكسة. ولم تلبث آنايه أن تقدمت من حيث هي المركز التجارى الأكبر في المنطقة. وفي هذه الأثناء وجد الشيخ منصور، وهو سلف الشيخ شامل في منطقة الججن، استجابة من الجركس لدعوته إلى إعلان الجهاد على الروس (انظر عن هذه الفترة الخبر الهام لمحمد هاشم، ديوان كاتب فرح على باشا، مخطوط في طوب قابي، ريوان، رقم ١٥٦٤؛ وانظر جودت: تا ريخ، جـ ٣، ص ١٦٨ - ٢٧٢).
وأثناء الحرب بين العثمانيين والروس من سنة ١٢٠١ - ١٢٠٦ هـ. (١٧٨٧ - ١٧٩٢ م) أنشئت خانية قوبان وتضم التتر وأميرهم شاهباز كراى، على حين تعاون الجركس مع الجيش العثمانى بقيادة بطّال حسين باشا وأحرزوا بعض الانتصارات: على أن الأمر انتهى بسقوط آنايه القاعدة العثمانية الرئيسية سنة ١٢٠٥ هـ (١٧٩١ م) وقد قررت معاهدة الصلح أن يكون نهر قوبان حدا فاصلا بين الإمبراطوريتين الروسية والعثمانية. وبعد الصلح أهمل. العثمانيون هذه المنطقة، أما الروس فقد أقاموا خطًا من الحصون على طول الحد وأسكنوا جماعات كبيرة من القوزاق هناك. وضموا إليهم في الوقت نفسه بلاد الكرج، وسيطروا على ممر دريال، وأحاطوا ببلاد الجركس. واضطر العثمانيون بحكم معاهدة أدرنة سنة ١٢٤٥ هـ (١٨٢٩ م) إلى النزول إلى الروسيا عن حقوقهم في بلاد الجركس. على أن الجركس ناضلوا الغزاة نضالا طويلا شرسًا حتى سنة ١٢٨١ هـ (١٨٦٤ م)، ويقول تقرير عثمانى إن