للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ما امتد سلطانها بعد ذلك إلى تيقورت (طقورت) وورجلة، بل امتد كذلك إلى قابس ونفزاوة. ثم فتح إدريس بن عبد الله العلوى في الأعوام الأخيرة من القرن الثامن الميلادي مدينة تلمسان، بمساعدة الأوربَة. وفي عام ١٩٣ هـ (٨٠٨ - ٨٠٩ م) خط ولده إدريس الثَّاني مدينة فاس، ودان المغرب الأقصى لطاعته. ولم يفلح الأغالبة (وهم نسل إبراهيم بن الأغلب الذي ناط به هارون الرشيد حكم إفريقية) في إعادة فتح المغرب الأوسط والغربى اللذين ظلا في يد البربر على الرغم من اضمحلال هذه الدويلات، ولم تخضع لهم إلَّا إفريقية وولاية قسنطينة.

وزال حكم الأغالبة في القرن العاشر الميلادي بعد أن قضى عليهم الفاطميون. ويعود الفضل في انتصار هؤلاء إلى بربر كُتَامة الذين اعتنقوا مذهب الشيعة، وقد نشره الداعى أبو عبد الله وزعَّموا عليهم عبيد الله المهدي، وطُرد آخر الأغالبة من رَقّادَة، وأطيح بمملكتى تيهرت وسجلْمَاسة، فانخفضت منزلة الأدارسة وأصبَحوا أقيالًا، وحمل من بقى من قبائل الإباضية إلى جربة أو نزحوا ناحية الجنوب واستؤصَلت شأفة الصفرية والنُكَّار الذين ثاروا بزعامة أبي يزيد "صاحب الحمار" (٣٣١ هـ - ٣٣٥ هـ = ٩٤٢ م- ٩٤٧ م) واستغل الأمويون أصحاب قرطبة هذه الانقسامات، فأقاموا أمراء من قبلهم في تلمسان وتيهرت. واستطاع الفاطميون بحملاتهم الموفقة استعادة هذه البلدان وإخضاع المغرب بأسره حتَّى المحيط الأطلسي؛ وعجز المنصور الخليفة الفاطمى عن بسط سلطانه على المغرب الأوسط، فوكل أمره إلى رأس قبيلة صنهاجة زيرى بن مناد؛ وولده بُلُكَين هو الذي أسس مدينة الجزائر والمدية ومليانة، فلما بعد مقر الخلفاء وأصبحت القاهرة حاضرة الخلافة (٣٦٢ - ٩٧٣ هـ) بعد فتح مصر عام ٣٥٨ هـ (٩٦٩ م) عادت القلاقل إلى ربوع المغرب من جديد. ولم يعد الأمراء الذين ظلوا على المغرب يعترفون بسلطان الفاطميين واستقلوا بالأمر فيه. وأسس أحدهم- ويدعى حَمّادا- دولة تمتد من البحر إلى زيبان، ومن الحضنة إلى تيهرت. وابتنى لنفسه