وبعد هذين التلميذين نجد ذكرا لثالث، هو قطب الدين، ولد ابن منظور هذا، وكان قطب الدين كاتب الإنشاء بمصر. وذكروا له أنه روى عن أبيه شيئا.
والغريب أن ابن تغرى بردى لم يشر إلى ابن منظور فى كتابه "النجوم الزاهرة" عند ذكر وفيات سنة ٧١١ هـ على حين أفرد له ترجمة فى كتابه "المنهل الصافى" وكان كل ما كتبه عنه المقريزى فى "السلوك" ٢: ١١٤: "ومات جمال الدين أبو الفضل محمد بن الشيخ جلال الدين المكرم ابن على فى ثالث عشرى المحرم عن بضع وثمانين سنة ودفن بالقرافة وكان من أعيان الفقهاء الشافعية ورؤساء القاهرة وأوائل كتاب الإنشاء ومن رواة الحديث".
وقد دخل علينا المقريزى بهذا القليل الذى رواه عن ابن منظور بجديدين:
أولهما: أنه جعل وفاته فى المحرم وفى ثالث عشره، على حين جعلها من ترجموا لابن منظور جميعا فى شعبان.
وثانى الجديدين: أنه كان شافعيا، وكان هذا يعنى أن يترجم له تاج الدين السبكى فى طبقاته، وابن منظور أستاذ والده، ولكنا لم نجد لابن منظور ذكرا فى طبقات الشافعية لتاج الدين السبكى.
وما نظن أنه كان للمقريزى مرجع نقل عنه غير الذهبى ثم الصفدى من بعده، لكنا نراه يذكر ما لم يذكراه ومالم يذكره معاصر له وهو ابن حجر.
وتكاد مؤلفات ابن منظور تملى علينا نهجه وتحدد غرضه. يقول الصفدى فى "أعيان العصر": "واختصر كتبا وكان كثير النسخ ذا خط حسن، وله أدب ونظم ونثر". ويقول أخرى: "وكان فاضلا وعنده تشيع بلا رفض، خدم فى ديوان الإنشاء بالقاهرة وأتى بما يخجل النجوم الزاهرة، وله شعر غاص على معانيه وأبهج به نفس من يعانيه. وكان قادرا على الكتابة لا يمل من مواصلتها ولا يولى عن مناضلتها. لا أعرف فى الأدب وغيره كتابا بطوله إلا وقد اختصره وروق عنقوده واعتصره،