وفي أواخر القرن الخامس عشر وأوائل السادس عشر، تعرضت الجزائر وسائر مدن الساحل الإفريقى لكثير من المتاعب على أثر استعادة الأسيان بلاد الأندلس. نعم إن سكانها أخذوا يزدادون بالتجاء كثير من المهاجرين اليهود والمغاربة الفارين من الأندلس اليهاه ولكن المسلمين في ذلك الوقت لم يجدوا بدَا من الوقوف في وجه النصارى. وقد صمم الملوك الكثالكة، أن يخضعوا لسلطانهم جميع بلاد الشاطيء الشمالي لإفريقية، وتنبه سكان الجزائر إلى ما يحدق بهم من خطر داهم على إثر استيلاء يدرو نفارو Pedro Navarro وإكسيمينس ximenes على مدينة وهران (سنة ١٥٠٩) واحتلال بجاية (سنة ١٥١٠)، فلما عجزوا عن مقاومة الجيوش المسيحية، أعلنوا رغبتهم في التسليم، ووعدوا أن يعترفوا بسلطان الملك الكاثوليكى عليهم وأن يؤدوا له جزية سنوية، ويطلقوا سراح الأسرى المسيحيين، وأن يقلعوا عن أعمال القرصنة، ويمنعوا أعداء أسبانيا من الالتجاء إلى مينائهم (٣١ يناير ١٥١٠)، ورحل الشيخ سالم التومى نفسه ومعه جماعة من الأعيان إلى أسبانيا، ليقسموا يمين الطاعة ويقدموا الهدايا للملك فرديناند، ووضع يدرو نفارو Pedro Navarro يده على جزيرة ينيون Penon التي لا تبعد عن مرمى المدفع من الجزائر، لكى يضمن تنفيذ الشرط الخاص بأعمال القرصنة، وليراقب أهالى المدينة، وقد شيد حصنًا على هذه الجزيرة، ووضع فيها حامية من مائتى رجل. ولما ضاقت سبل العيش بأهل الجزائر بعد القضاء على قرصنتهم لم يطيقوا صبرًا على هذه الأحوال، وحاولوا الخلاص من نير الأسبان، وقد أفادوا من الاضطراب الذي عم بلاد البربر بأسرها على إثر وصول نبأ موت الملك فرديناند الكاثوليكى إليها، فطلبوا إلى سالم التومى أن يرسل وفدًا إلى القرصان التركى عووج الذي كان يسيطر على جيجل منذ عام ١٥١٣ م يلتمسون منه العون، فلما جاء إلى مدينة الجزائر استقبله أهلوها استقبال المنقذ لحريتهم. ولكنه عجز عن احتلال جزيرة ينيون Penon وقد تخلص هذا القوصان من سالم التومى بقتله، ونادى به جنده