وهي تستند إلى قوائم من الخشب، ويلتصق بعضها ببعض، وتبرز طبقاتها العليا واحدة فوق الأخرى حتى تلتقى أو تكاد عند القمة، وتلف حول السفوح دروب منحدرة ذات درج، تحجب الأقبية عنها النور، وأغلبها ضيق جدَا لا يسمع لاثنين بالمرور إلا إذا التصقا بظهريهما إلى الجدار. أما الجزء الأسفل من المدينة، وهو الذي يخترقه الشارع الوحيد الجدير بهذا الاسم، والذي يصل بين باب الواد وباب عزون منذ نهاية القرن السادس عشر، فقد كان هو المكان المختار لسكنى رؤساء القراصنة، وكانت مساكنهم الفخمة المتجمعة بالقرب من البحر، يسكنها البحارة الذين يسيطرون عليهم، وكانوا من موضعهم هذا يحمون المرفأ، وكانت الربوه ربوتهم، وبذلك كان هذا الحى بأسره كأنه دار صناعة لهم، وكانوا فيه آمنين من اعتداء الجنود المفاجيء عليهم (Tivque جـ ١٠ ص ١٢٧ وهناك قامت قصور لم شهر الرؤساء في القرن السابع عشر أمثال مامي أرنوط، وسليمان رئيس، ومراد رئيس، وعربجى بيجنين، وفيه أيضًا شيدت المساجد التي أنفق عليها هؤلاء المغامرون جانبَا من أموالهم؛ والحق إن دور العبادة كانت كثيرة في مدينة الجزائر القديمة. فقد كان بها في أواخر القرن السادس عشر مائة مسجد وخلوة وزاوية. وكان بها قبيل الفتح الفرنسى ثلاثة عشر مسجدًا جامعًا، ومائة وتسعة مساجد صغيرة، واثنتان وثلاثون خلوة وخمس زوايا وكان غالب هذه الدور متوسط الحجم، ليست له أهمية فنية كبيرة، وكان أشهر هذه المساجد بعد المسجد الكبير الذي يرجع تاريخه إلى العصر البربرى هو المسجد الجديد (ويسمى الآن جامع بركة السمك Mosquee de La Pecherie). وقد شيد في عام ١٦٦٠ لتعبد فيه الترك من الحنفية، ثم مسجد كجاوة، وهو مزين بزخارف متعددة الألوان، ومسجد سيدة، ومسجد حاجى حسين باشا ومسجد الأندلسيين الذي بناه في عام ١٦٢٣ المهاجرون الأندلسيون, وزاوية الشرفاء التي أقيمت في عهد الداى محمد بكتاش (سنة ١٧٠٩) إلخ. أما المبانى العامة فكانت قليلة العدد، ويكفى