أن نذكر منها الجنينة، وهي طائفة من القصور والثكنات، والثكنات السبع الكبيرة الخاصة بالإنكشارية، وسجون الرقيق، ولكن كثيرًا جدا من الدور الخاصة كانت تخفى وراء واجهاتها العاطلة عن الزينة زخارف طريفة أو فخمة ذات روعة، لها أفنية تحيط بها أعمدة من الرخام البديع الصنع، وطنف من خشب الأرز، واسوار عليها رسوم حائطية إيطالية أو هولندية، ومن داخلها أثاث صنعت أجزاؤه في أوربا، أو صنعها العمال الوطنيون محاكاة لنماذج أوربية (انظر: G.Marcain L, expositiond , art Musuhm المجلة الإفريقية في العددين الثالث والرابع من عام ١٩٠٥).
وقد طرأ على تعداد السكان في مدينة الجزائر تغير كبير في أثناء القرون الثلاثة التي كانت خاضعة فيها لحكم الترك. وقدر هايدو Heads الذي ظهر كتابه عام ١٦١٢ عدد المنازل والسكان باثنى عشر ألف منزل وستين ألف نسمة، وقدر الأب دان Dan عدد المنازل والسكان في عام ١٦٣٤, عندما بلغت القرصنة ذروتها، بخمسة عشر ألف منزل، ومائة ألف نسمة. ثم بدأ الاضمحلال يدب فيها عندما قلت أعمال القرصنة. وفي عام ١٧٨٩ قدر فنتورده يارادى Venture de Paradis السكان بخمسين ألفا، ثم هبط هذا العدد إلى ثلاثين ألفا عام ١٨٣٠, وكان السكان من أجناس مختلفة، ولكن يمكن ردهم كلهم إلى أجناس ثلاثة: الترك والمغاربهَ واليهود. وكان الترك طبقة من الخاصة شديدة الارتباط بعضها ببعض، وقد وفد أغلبهم من آسية الصغرى، وانضموا إلى صفوف اليلداش. وكانت النظم التي يخضع لها جيش اليلداش هذا تمكنهم من الوصول إلى أعلى المراتب، أي إلى مرتبة الأغا، بل تؤهلهم لأرفع المناصب المدنية، وكان الترك جميعًا، حتى ولو كانوا من صغار الإنكشارية، ينادون باسم الأفندى ويلقبون بالسادة العظماء الفخام، ويكونون طبقة السراة أو الأعيان في مدينة الجزائر، ولم ينزلوا عن كبريائهم حتى بعد أن فقدت الجندية شأنها السياسي, وقد تزوج الكثيرون منهم