نساء من أهل البلاد، ولكن أبناء هذه الزيجات- ويسمون "قلغلى"- ظلوا بمعزل عن جماعة الأتراك، فلما انقضى القرن السادس كانت هذه الطبقة قد أقصيت عن الوظائف العامة، ولم يفلحوا في رفع هذا الحيف عنهم على الرغم من فتنهم المتكررة، ومنها فتنة عام ١٦٦٣ التي كانت على جانب كبير من الخطورة. ومن أجل ذلك ظل الترك دائمَا أقلية في هذه العاصمة، كما كانوا أقلية في الولاية كلها. وفي وسعنا أن نقدر عددهم بعشرة آلاف أيام خير الدين وبثلاثين ألفا في عهد البكلربكية، واثنين وعشرين ألفا عام ١٦٣٤ وخمسة آلاف عام ١٧٨٩, ونقص عددهم عام ١٨٣٠ إلي أربعة آلاف نسمهْ. وبعد الفتح الفرنسى مباشرة قرر الجنرال ده بورمون General de Bourmont أن يقصى كل إنكشارى أعزب عن البلاد، ويرسل إلى آسية، ثم عمم هذا القرار حتى شمل كل أفراد الفرق العسكرية، ويجدر بنا أن نضيف إلى طائفة الأتراك أولئك الذين أسلموا وكانوا من أصل أوربى، وهم الذين كان يؤخذ منهم مهندسو الأسطول الجزائرى وما يلزمه من الصناع، ومرشدو الموانى وبعض القراصنة المشهورين، وأخذ عددهم في النقصان تبعَا لتعذر أعمال القرصنة، وقلة غنائمها بسبب تجول أساطيل الدول الأوربية في البحار، والمظاهرات البحرية التي كانت تقوم بها أمام الشواطن، فنقص عددهم من عشرين ألفا أيام هايدو إلى مائتين أو ثلاثمائة في نهاية القرن الثامن عشر.
وكان المغاربة أغلبية بين أهل المدينة أو "البلدى"، وكان بعضهم ممن وفدوا من خارج البلاد، وأقاموا في المدينة منذ العهد التركى، كالأندلسيين الذين طردهم المسيحيون من أسبانيا، والمغامرين من الأوربيين والقلغْلى وغيرهم. وقد حرم على هؤلاء الاشتراك في الشئون العامة بأجمعها، وأعفوا من الخدمة العسكبرية، فلم يبدوا آية مقاومة للحكم التركى، وظلوا يشاهدون المآسى الجسام التي كانت تمثل على مسرح الجزائر بلا مبالاة، وقنع سراتهم بنصيبهم من غنائم القرصنة، وباشتراكهم بالمال في تجهيز السفن