الشمال والشمال الشرقي أرمينية، ومن الشرق أذربيجان، ومن الجنوب العراق ويبدأ هذا الحد من خط يمتد من الأنبار إلى تكريت.
والجزيرة ثلاث كور: ديار ربيعة في الشرق، وديار مضر في الغرب، وديار بكر في الشمال نسبة إلى القبائل التي كانت تنزل بها في الجاهلية وفي صدر الإسلام؛ على أنه كان في الجزيرة عرب حتى في العصور القديمة، وكانت إحدى كورها في هذه العصور- وهي كورة نصيبين- تسمى عند الفرس أرفستان وعند الأراميين: بيت أربايا. وكان يسكن الجزيرة علاوة على العرب، عدد كبير من العناصر الأرامية، وخاصة في طور عبدين، كما كان عدد من الأماكن بها يحمل أسماء آرامية، وكان ثمة أكراد في إقليم الموصل وأرمن إلى الشمال من نهر دجلة الأعلى.
والجزيرة لها أهمية تاريخية عظيمة، ذلك أنها كانت تقوم عند تقاطع خطوط المواصلات بين العراق والأناضول (تقطعها سكة حديد بغداد) والعراق وسورية على الثنية الكبرى لما يسمى بالهلال الخصيب، وبين الأقاليم الأرمنية الإيرانية وسورية من ناحية والعراق من ناحية أخرى. وكانت الجزيرة تشمل كثيرًا من بلدان الأسواق والمدن تقوم على النهرين وعلى فروعهما في طور عبدين وعلى طول الطريق الذي يربط بين الموصل والرقة. وكانت الجزيرة في العصر الروماني البوزنطى مقسمة بين بلاد فارس ورومة وبوزنطة. وكانت بوزنطة زمن الفتح العربي مستحوذة على الإقليم الذي يمتد من رأس عين إلى الفرات والسهل الممتد إلى الجنوب من طور عبدين. وكان الحد يقوم بين نصيبين ودارا عند قلعة سَرْجَة (ياقوت، جـ ٢، ص ٥١٦ جـ ٣، ص ٧٠, أبو يوسف يعقوب: كتاب الخراج، طبعة سنة ١٣٠٢ هـ ص ٢٢، ترجمة فانيان، ص ٦٢). وبعد فتح الشام عزلت الحاميات البوزنطية ولم تعد تستطيع الاتصال بالإمبراطورية البوزنطية إلا عن طريق أرمينية، ومن ثم لم يلق عياض بن غَنْم آية مقاومة، وفتح الجزء الغربي من الجزيرة بين سنتى ١٨ و ٢٠ هـ (٦٣٩ - ٦٣١ م) , والجزء الشرقي سنة ٢٠ هـ (٦٤١) علي يد جنود قادمين من العراق (البلاذرى، ص ١٧١. وما بعدها، طبعة القاهرة، ص ١٧٩ وما بعدها).