وشهدت الجزيرة في العصر الأموى صراعًا بين الشآميين وشيعة العراق، فقد قتل سليمان بن صُرَد، الذي كان يظاهره زفر بن الحارث القيسى، سنة ٦٥ هـ (٦٨٥ م) في معركة بالقرب من رأس عين دارت بينه وبين نائب عبيد الله بن زياد. ولما انتصر المختار على الشآميين سنة ٦٧ هـ (٦٨٦ م) على فرع من فروع الزاب، احتل المنتصرون نصيبين ودارا وسنجار (انظر الطبري وابن الأثير في هاتين السنتين). وقد اضطر عبد الملك إلى فتح الجزيرة قبل أن يتمكن من أن يشخص لهزيمة مصعب بن الزبير في دير الجاثليق بالعراق سنة ٧٢ هـ (٦٩١ م): وفي الجزيرة أيضًا وقع القتال بين القيسية والتغلبية قبل هذا التاريخ وبعده (انظر الطبري Das Arahicche - Wellhaacen La j? Y ١ u Reich ص ١٢٦ وما بعدها, الترجمة الانكليزية، ص ٢٠٢ وما بعدها). وعلى هذا النحو شبت عدة فتن في الجزيرة أيام الحجاج وبعد ذلك في عهود الخلفاء الأمويين ٢١ الأخيرين حين نجح خوارج الجزيرة في الاستيلاء على مقاليد السلطة (انظر Oppositionspartin: Wellhausen، ص ٤١ وما بعدها). وفي الجزيرة، بحران، اتخذ مروان الثاني آخر خلفاء بنى أمية قصبته.
ولما تولى معاوية ولاية الشام ضمت الجزيرة إلى ولايته، ثم أصبحت الجزيرة من بعد ولاية قائمة بنفسها تضم ثلاث كور، تولى أمرها حينا أفرد من الأسرة الأموية مثل محمد بن مروان ومسلمة بن عبد الملك اللذين كانا في الوقت نفسه واليين على ولاية أرمينية المجاورة لها. وكانت الموصل قائمة برأسها، ولم تصبح قصبة الجزيرة إلا في عهد مروان الثاني.
ولم تخضع الجزيرة للعباسيين إلا بعد مقاومة، بل لقد وقعت أحداث خطيرة في الموصل حين أنفذ إليها محمد بن صول ثم يحيى أخو الخليفة العباسى الأول (انظر ابن الأثير في حوادث عام ٣٢ هـ طبعة سنة ١٣١٣, ص ١٦٣, ١٦٦ - ١٦٧). وقد شهدت الجزيرة فتنة عبد الله بن علي عم المنصور، ثم شهدت من بعد، أي في عهد المأمون، فتنة نصر بن شبَث التي اكتسحت الجزيرة ولم يقض عليها إلا عبد الله بن