وتؤخذ الجزية من أثمانها، وقدرت الجزية المألوفة باديء الأمر بدينار، ثم أصبح ذلك فيما بعد هو الحد الأدنى. ويدفع ما يعادل ذلك في البلاد التي تتعامل بالفضة أي اثنى عشر درهمًا. وهي على الذمى المتوسط الحال ديناران أي أربعة وعشرون درهما، وعلى الموسر أربعة دنانير أي ثمانية وأربعون درهما. ويذكر أبو يوسف - وهو الذي نقلنا عنه معظم ما قلنا- أن الموسرين هم أمثال الصيرفى والبزاز وصاحب الضيعة والتاجر والطبيب، أما الفقراء فهم أصحاب الحرف مثل الخياط والصباغ والاسكاف والخزاز، ولم يذكر شيئًا مفصلا عن الطبقة الوسطى، وإذا لم يستطع أحد أداء الجزية فلا يعذب بالجلد أو تعريضه للشمس أو صب الزيت عليه، ويكتفى بحبسه. وجاء في الآية الخاصة بالجزية أن على الذميين أداؤها "هم صاغرون". وقد أصاب الشافعي دون شك في تفسيره هذه الفقرة بأن عليهم أداءها وفق حكم الإسلام، وهو الحكم الذي يخضعون له. ويرى آخرون- استناد، على هذه العبارة- أنه يجب عليهم أداؤها وأن يكون ذلك على نحو فيه خضوع. والراجح أن الأوصاف التي خلعت على أهل الذمة وغيرهم إنما هي تفسيرات لهذه العبارة. ويؤدى ما يجبى من الجزية إلى بيت المال والجزية والخراج يتكون منهما الفئ. وهو أموال المسلمين عامة.
٢ - تاريخ الجزية من حيث العمل: دلت الجزية في بادئ الأمر على الأموال الجماعية التي تجبى من البلاد المفتوحة. وقد ترك العرب النظام الإدارى في كل إقليم فتحوه على ما هو عليه وعدوا دخل الإقليم جزية لهم. ولم يكن هناك في أول الأمر فارق بين الجزية بوصفها ضريبة رووس وبين الخراج بوصفه ضريبة أرض، وهي التفرقة التي شاعت فيما بعد. فالمصادر التي ناخذ عنها تتحدث كثيرا عن الخراج الذي يجبى على الرؤوس والجزية التي تجبى على الأرض.
ويطلق عادة على أموال الفئ اسم الجزية اشارة إلى الآية القرآنية. ولنذكر على سبيل المثال أنه لم يرد في أوراق البردى المصرية التي يرجع عهدها إلى