للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

القرن الأول الهجرى إلى جانب الجزية (باليونانية "ديموسيا") التي هي الضريبة الأساسية التي تدفع ذهبا سوى الدفع عينا مما لا يسمح المجال هنا بمناقشته. والجزية من وجهة النظر العربية هي ضريبة الرؤوس، لأن العرب كانوا يعمدون بعد إبرام معاهدات الصلح عقب فتح كل إقليم إلى اتخاذ عدد السكان التقديرى، لامساحة الأرض المزروعة، أساسا لتقدير الجزية. وكانت جزية الرؤوس معروفة قبل الفتح الإسلامي في البلاد المفتوحة سواء أكانت ساسانية أم رومية (باليونانية "إبيكفاليون" و "أندرسموس"). أما مصدر الدخل الأساسي، أي الجزية، فكان هن خراج الأرض، وكان يعرف بالاسم الآرامى "خراكه" وقد جعل هذا اللفظ عين اللفظ العربي خَرْج أو خَراج (سور الكهف، الآية ٩٤، سورة المؤمنون، الآية ٧٢). وشاع استعماله هذا منذ العهد العباسى في الأقاليم غير الآرامية أيضًا، وكان لفظ الخراج- بوصفه خراج الأرض- يستعمل هو ولفظ جزية كل منهما في معنى الآخر حتى في أقدم المؤلفات التي وصلت إلينا. وكان لفظ الخراج هو المستعمل، إذا كان المقصود الأموال المتحصلة من الأرض، أما إذا كان التفكير متجها بصفة خاصة إلى الأموال التي يدفعها أهالى البلاد المفتوحة فيستعمل لفظ جزية الوارد في القرآن. ولما توحد سلطان العرب أصبح لفظ خراج يطلق شيئًا فشيئًا على ضريبة الأرض، للك الضريبة التي غدت تجبى من المسلمين أيضًا بعد أن أخذت الشعوب المغلوبة على أمرها تدخل في الإسلام تدريجًا، وبذلك فقدت صفة الجزية. وحلت جزية الرؤوس محل الجزية الواردة في القرآن. وكانت هذه الجزية معروفة قبل الإسلام، وكانت تفرض بطبيعة الحال على غير المسلمين دون سواهم. وورد في التواليف المتقدهة وفي الأيصالات المصرية التي تؤخذ نظير دفع جزية الرؤوس كلمة جالية (والجمع جوالى) وقد أصبحت هذه الكلمة مرادفة لكلمة جزية. وكانت هذه الجالية أو الجزية تحسب لخراج سنة بعينها، لأن جملة الدخل من الفئ كان يطلق عليه أيضًا اسم خراج، ومن ثم ظهرت في غضون قرن ونصف قرن