كانت الضريبة تتناسب على هذا النحو وعدد السكان فإنها لاتكون بعد على آية حال ضريبة نوعية على الرؤوس، لأنها لم تكن تضاف إلى ضريبة أخرى من الواضح أنها تقوم على الأرض. وهذه النقطة الدقيقة يجب ألا تغيب عن البال، إذا شئنا أن نفهم التطورات التي حدثت بعد ذلك.
وبعد، فإن الفتح -في بعض الحالات- كان يتم بمحض القوة، وفي هذه الحالة يكون النظام القائم خاضعا لتقدير الفاتح، وفي بعض حالات أخرى يكون نتيجة لمعاهدة تسليم، ونجد في هذه الحالة أن السكان الوطنيين إذا احتفظوا باستقلالهم الذاتى المالى فإنه قد يسنَ لهم نظام مالى خاص، أو يفرض عليهم مبلغ يقدر مقدما جزية يؤدونها مع إفساح المجال لاعتبارات التقويم. وفي العراق، وهي الولاية التي يشير إليها معظم الفقهاء العباسيين، تم الفتح- في عمومه- عنوة، أو بهجر المرافق الساسانية الادارية على الأقل. وكان العرب يهيمنون على الموقف وعلى جباية الضرائب بمساعدة مرؤوسيهم من الأهلين، وكانت هذه الجباية تسير على التقليد المتبع، أي أن ضريبة رؤوس كانت لا تزال يفرق بينها وبين ضريبة أرض، ولو أن مقدارها كان قد زاد فيما يرجح (١ , ٢, ٤ دنانير = ١٢, ٢٤, ٤٨ دراهم) ولكن تدرج الثروة قد ثبت. وأراد أفراد الطبقة الأرستقراطية أن يحتفظوا بالأعفاء من هذه الضريبة على فأعلنوا ولاءهم للدين الإسلامي. ولايستطيع المرء أن يقول هل أعفوا في الوقت نفسه من ضريبة الأرض، ولو أنهم خضعوا لها على نحو معدل هو العشور التي تحصل من أملاك المسلمين. وفي معظم بلدان الشام والجزيرة العليا تم الفتح العربي بمعاهدات ميزت هذه البلدان من الضياع الكبيرة المستقلة استقلالا ذاتيا في النظام السابق, مع أنه أبرمت اتفاقات موقوتة في البداية الأولى قررت ضريبة جماعية، وكان النظام الذي أقيم من النظم التي تحقق الإشراف المستقل استقلالا ذاتيا، ولكن الفاتح كان هو الذي يحدد الضريبة، وجرت الحال بأن تحسب (كما حدث في الحيرة بالعراق)