النظرية، بصرف النظر عن المسألة التي تحكمها الأهواء وهي أنها تعارض رأى جميع الفقهاء القدماء، إلا أنها تتغلب في الواقع على كثير من الصعاب، وقد جرحت حديثًا تجريحًا شديدًا، وخاصة على يد لوككارد Lokkegaard، بل لقد كان تجريح دنت Dennett لها اقسى وأمرّ، وأصبحت النتائج التي انتهيا إليها في خطوطها العريضة وما توحى به لاتدحض بعد فيما يظهر، وإن كانا هما أيضًا لم يجيبا عن جميع المشاكل التي أثاراها بدورهما. وقد بيّنًا بأجلى بيان أن النصوص، في كثير من الأحوال، تقيم تفرقة حقيقية بين الضريبة على الأرض والضريبة على الأفراد، حتى ولوكانت العبارة الدالة على التفرقة تختلف، وقد نوّها بعدم احتمال قيام إصلاح شمل الدولة الإسلامية كلها وبدأ في ولاية قاصية هي خراسان في الأيام الأخيرة للدولة الأموية الحافلة بالفوضى؛ ثم إن المرء (وخاصة دنت في تحليل منطقى وثيق للموقف في كل إقليم) لا يستطيع أن يتحدث عن قيام نظام موحد عقب الفتح مباشرة، ذلك أن النظم الأولى وظروف الفتح لم تكن واحدة في كل مكان.
وقد كان في الدولة الساسانية نظام مالى يفرق بين ضريبة عامة على الأرض وضريبة على الرؤوس، بفئات تختلف باختلاف مقدار الثروة، ولو أن الطبقة الأرستقراطية كانت معفاة من الضرائب. اما الإمبراطورية الرومانية البوزنطية فكان لديها نظام أكثر تشابكًا لانزال بعد غير متثبتين من كثير من نواحيه: كانت توجد ضريبة على الفرد، ولكنها كانت غير معمول بها إلا فيما ندر، وكانت تطبق على من يستعمرون الأرض الجديدة وغير النصارى. أما الضريبة العامة فلم يكن فيها تفريق، ففي حالة ملْك صغير خاضع ماليًا لحكم الدولة المباشر فإنها كانت تجبى على زراعة الأرض على أساس وحدة قياسية أو مايسمي باسم جوكوم - TU GUM (أي ما يوازى ٤٠ فدانًا) على أنه في حالة الضياع الكبيرة التي تتمتع بشئ من الاستقلال الذاتى كان الأقرب إلى العمل فيما يظهر هو الاعتماد في التقدير على عدد العمال المشتغلين، فإذا