١٩٥٥). والظاهر أنه قامت حركة تنحو - بتأثير الفقهاء الذين توسعوا في نظرية الفئ- إلى فكرة إخراج الخراج من شبكة الضرائب المفروضة على- غير المسلمين، وكان الخراج منذ ذلك الوقت أقرب إلى أن يحصل بخاصة على الأرض وليس على الرؤوس , ومن ثم فإنه كان لا يتمشى مع حالة المسلم. وكان لا مناص من أن تختفى ضريبة الرؤوس بوصفها هذا، على أن بيت المال لم يكن ليخسر بالضرورة من هذا الأمر كما أن دافع الضرائب لم يكسب نتيجة له، ذلك أن الداخل في الإسلام كان لا بد له من أداء الزكاة على دخله. وكان نظام من هذا القبيل هو الذي حاول نصر بن سيار، آخر الولاة الأمويين الكبار، أن يدخله في خراسان. ومن ثم فقد كان هو وراء هذه الحركة لافى طليعتها. وفي قطر كالشام، لم يكن بد من اقتباس نظام أكثر دقة، والظاهر أنه اصطنع منذ عهد يزيد وعبد الملك (أبو يوسف، ص ٢٤، وانظر gaard، ص ١٣٣) ليسبغ على ضريبة الرؤوس المأثورة طابعًا شخصيًا حقًّا، علاوة على ضريبة الأرض. ومهما يكن من شيء فإنه من يوم أن فرق بين ضريبة الرؤوس وضريبة الأرض، أصبح من الممكن أيضًا أن يفرق بينهما في الجباية، وأصبحت المسئولية الجماعية للأماكن في مسألة الضرائب خليقة بأن ينتفى عملها في هذا الصدد. ونحن نعلم، في مصر بصفة خاصة، أن انتقال الأشخاص من مكان إلى مكان أصبح مشروعا مادام قد احتفظ بسجل لهم وعلم انتقال الأشخاص المعنيين (انظر Impots du Fayyum: Cl. Cahen وهو الكتاب المذكور بعد، ص ٢١). ومن ثم فإن المصطلح الذي جرت الحال بأن يطلق على "المهاجرين"(باليونانية: فيكادس) وهو "الجوالى"(جمع جالية) في لغة الإدارة قد اتخذ، من غير آية إضافة أخرى، للدلالة على الجزية بمعنى ضريبة الرؤوس. وطبيعى أن هذا الإجراء المالى لم يحل المشكلة الاقتصادية لهجرة الفلاحين، ثم إن هناك شواهد أخرى على إجبار الفلاحين على العودة إلى حقولهم (انظر Cl. Cahen: : Fiscalite etc في Arabica جـ ١، سنة ١٩٥٤، ص ١٤٦