أنه كان من المرغوب فيه أن يعطى كل شخص في هذا الصدد إثبات بحالته من حيث هو خاضع للإسلام، أو- إن شئت مزيدًا من الدقة- من حيث هو فرد من أفراد طبقة اجتماعية دنيا. ويظهر أن هذه الطريقة التي يجب أن نفسر بها هذه القاعدة القرآنية (التي تتبع القاعدة التي ذكرناها آنفا): "وهم صاغرون" (ويعلق أحيانا على العبارة الأخيرة، بأنهم أولئك الذين "أقروا بالصغار") فيما يتصل بالشواهد المعروفة التي أبي فيها الأعيان أو العرب، مع مسيحيتهم، أن يؤدوا "جزية العلوج، ، وهذا التفسير نوْثره على القول بأن هذه العبارة تتضمن الحاجة إلى الإذلال، وهو الزعم الذي ذهب المتشددون من المتأخرين أنهم تبينوه فيها. ومن الواضح أنه عملت إحصاءات فعلية، وخاصة أيام أن كان ثمة تفرقة بين الجزية والخراج (فعل ذلك عبد الملك في الشام، ويزيد الثاني في مصر وغيرهما) يقابل ذلك أن تقدير الدخل الإجمالى من الجزية في مصر أيام صلاح الدين، على سبيل المثال، بمبلغ قدره مائة وثلاثون ألف دينار، بمعدل دينارين لكل شخص في المتوسط، يسمح لنا، بأن نقدر عدد السكان المسيحيين في تلك الأيام بحوالى ٦٥.٠٠٠ من الأسر.
والجزية- من حيث النظر- مثل الزكاة يجب أن تنفق في المعاشات والمرتبات وأعمال البر. ولكن حدث في كثير من الأحيان أن تذرع بذلك لأدائها للخزانة الخاصة للأمير. ويجيز مالك والشافعي أن تزاد قيمة الضريبة. وقد ظهرت في بعض الأوقات ضرورات تحكمية التمس لها مبررات عقائدية أو لم يلتمس، وذلك في عصر المماليك أثناء الشدائد الاقتصادية وما عرف به هذا العصر من تشدد في الأمور الدينية. على أننا يجب أن ندخل في حسابنا أن ازدياد ندرة الذهب وانخفاض الدرهم قد جعل الجزية- في كثير من الأحيان - تنزل إلى مستوى أدنى مما قضت به الشريعة، زد على ذلك أن الرهبان، في الأديرة الفقيرة على الأقل، قد وجدوا سبيلا إلى إنقاص ما فرض عليهم.
وفي البلاد التي كان يحكمها المغول مباشرة قبل دخولهم في الإسلام، ألغى