وقد أكد محمود الثاني في فرماناته أن الزيادات (ضمائم) لم تكن ضرائب قدرت من جديد (محدثات). وإنما كانت ببساطة نتيجة للتسوية اللازمة لمقادير الفضة الشرعية المحددة التي يجب أداؤها جزية بعمله اليوم الحاضر (انظر حاجى بكيج، جـ ٥، ص ٦٩, ٧٩). ولكن هذه الزيادات، وإن لم تكن حقيقية في قيمتها، فإنها أثارت سخطًا عامًّا بين الذميين في الإمبراطورية العثمانية.
ويجب أن نذكر أن الذي حدث حتى إدخال التغييرات الجذرية في المالية العثمانية في القرن الحادي عشر الهجرى (السابع عشر الميلادي)، هو أن الجزية كانت تجبى في بعض المناطق الكبيرة للإمبراطورية بفئة واحدة فحسب (انظر لوائح السناجق في برقان، ص ٨٣, ٢٠١, ٢٢٦, ٣١٦) بالنسبة للذميين الخاضعين للجزية بجميع طبقاتهم، وقدر هذه الفئة ٢٥ آقجه في ولاية يكى إيلى في عهد سليمان، و ٤٠ آقجه سنة ٩٩١ هـ (١٥٨٣ م) و ٣٥ آقجه في بعض المناطق، و ٥٥ في غيرها من ولاية بدليس، ٣٠ في جزيرة طاشوز، و ٤٦ في ولاية الموصل في القرن العاشر الهجرى (السادس عشر الميلادي). وكانت الجزية ٨٠ آقجة في البلاد التي أخذت من المماليك ونعنى بها ولايات آطنه، ودمشق، وصفد، وكانت فئات الجزية هناك، إلا في صفد، أقل من أدنى معدل مألوف (كانت القطعة الذهبية الواحدة ما بين ٦٠ و ٧٠ آقجه في تلك الأيام). وكان السبب الذي بررت به هذه المعاملة الخاصة في ولايات شرقي الأناضول هو الفقر الذي عزى إلى الظروف الطبيعية لهذه المنطقة. أما بخصوص الجزر فإن ظروفًا من هذا القبيل مضافًا إليها المسئوليات الخاصة بالدفاع التي فرضت على سكان المنطقة كانت هي السبب في ذلك، بل إن الذميين قى جزيرة إيمبروس قد أعفوا إعفاءً تامًّا من الجزية (برقان، ص ٢٣٧). ويظهر أن الفئة الوأحدة التي مقدارها ٨٠ آقجة في الشام وفلسطين كانت أثرًا من آثار المرحلة الأخيرة لعصر المماليك الذي كانت فيه الجزية بالنسبة لجميع الطبقات قطعة من الذهب مضافًا