للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الجغرافية. ولم يصل إلينا شيء من هذه الكتب، ولذلك لا نعلم هل تناول مصنفاه "كتاب البلدان الكبير" و "كتاب البلدان الصغير" بلادًا أخرى غير الجزيرة العربية، وإذا كان "كتاب العجائب" للحسن بن المنذر- الذي ذكره الإدريسي كثيرًا -هو عين "كتاب العجائب الأربعة" لهشام (الفهرست، ص ٩٧) فإن هذا المؤلف يكون أول من كتب في الموضوعات الجغرافية العامة في الإسلام، ويتصل بهذه الرواية الجغرافية العربية الخالصة الكتاب النفيس "جزيرة العرب" للهمدانى.

والقرآن أقدم الوثائق التي تناولت معلومات جغرافية ليست عربية خالصة، ومع ذلك فالإرشادات الجغرافية الواردة فيه نادرة، وفيها الفكرة القائلة بأن الأرض مستوية عليها الجبال كالأوتاد (سورة النبأ، الآية ٦ و ٧). وكثيرًا ما يستشهد الكُتَّاب المسلمون بهذه الآيات في أدعيتهم (كالإدريسى مثلًا) أو يسعون إلى تأييد آرائهم بما ورد في القرآن. وينطبق هذا على ها جاء في قوله تعالى "وهو الذي مرج البحرين هذا عذبٌ فراتٌ وهذا ملحٌ أجاجٌ وجعل بينهما برزخا .. " (سورة الفرقان، الآية ٥٣؛ سورة النمل، الآية ٦١؛ سورة الرحمن، الآية ١٩؛ وانظر المقدسي، ص ١٦). وقد أصبح هذا المذهب عقيدة في علم الجغرافيا وعلم رسم المصورات الجغرافية في القرن العاشر (انظر Der Koran and: Barthold das Meer في Zeitschrift der Deutschen .Gesell . Morgenl سنة ١٩٣٠, ص ٣٧ وما بعدها فيما يتصل بما يمكن أن يكون الأصل في هذا الرأى). على أن القرآن يتحدث أيضًا في آية من آياته عن البحار السبعة.

ولابد أن يكون قد انتقل إلى العرب من هذه العهود الإسلامية الموغلة في القدَم، أن لم يكن قبل ذلك، آراء جغرافية أولية تناقلها اليهود والنصارى. وكان غالب هذه الآراء من أصل شرقي، وهي أقرب إلى علم وصف الكون منها إلى الجغرافيا. فهي تتحدث مثلًا عن امتداد الأرض بما يقدر بمئات السنين (ابن خرداذبه، ص ٩٣) وعن البحر المحيط وعن بعض الأنهار التي أصلها من الجنة، وعن عمق البحار، وعن تماسك الجبال والسلاسل