توائم حقا حدسه الشخصى. ويأخذ أبو البركات هذه اللاجسدية بمعنى ضيق جدا لم يكن شائعا على الإطلاق، مثال ذلك نظريته فى الذاكرة، فالنفوس الإنسانية عنده علتها النفوس الفلكية، وهى تعود بعد الموت إلى عللها.
ومعرفة الله، وهى علة العلل، تأتى فى نهاية معرفة الموجودات ومعرفة الوجود، ونحن ندركه بشعورنا الأولى الذى يقسم الوجود إلى واجب وممكن، على أن الحكمة التى تتجلى فى نظام الطبيعة تثبت وجود خالق. زد على ذلك كله أن هناك اتصالات مباشرة بين الله والإنسان. ويتمشى أبو البركات فى هذه النقطة مع ما أثر عن ابن سينا فلا يقبل القول بان الحركة برهان على وجود الله.
وهو يرى أن صفات الله الذاتية تتعلق بماهيته تعلق مساواة الزوايا الثلاث فى كل مثلث لزاويتين قائمتين بماهية المثلث.
وفى رأيه أن من الممكن أن يكون علم الله متعددا، وهذا يصدق على معرفة الجزئيات. وأراد أن يدحض الحجج المخالفة لذلك فلجأ إلى مذهبه فى النفس الذى يثبت أن صور الأشياء المدركة المختزنة فى النفوس الإنسانية غير مادية مثل الكائن الذى أدركها. وبهذا يبدو العلم الإلهى شبيها إلى حد ما بالعلم الإنسانى.
وينكر أبو البركات مذهب الفيض الذى يقول به الفلاسفة، ويرى أن الأشياء خلقت بسلسلة من الارادات الإلهية، أزلية أو محدثة، أول هذه الإرادات، وهى صفة لذات الله، خلقت أول موجود، أى أعلى طبقة من الملائكة فى المصطلح الدينى.
والنزعة الشخصانية فى تصور أبى البركات لله تقربه إلى حد ما من مذاهب علم الكلام. ومهما يكن من شئ فإن هذا لا يبرر بالضرورة الانتهاء إلى القول بأن علم الكلام قد أثر فى تفكيره.
أما فيما يخص مسألة قدم العالم فإن أبا البركات قد تعرض لنظريات من يقولون به ونظريات من ينكرونه، ولا يذكر صراحة ما انتهى إليه من نتائج، وإن كان يلمح إلى أن من فهم عرضه لهذه المسألة لن يعجزه أن يجد الجواب الصحيح. وصفوة القول أن