للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

اليونان والهنود والإيرانيون في ميدان الجغرافيا تضلعه في فضل العرب على هذا العلم فإنه قد قام ببحث مقارن في هذا الموضوع، وبيَّن أن اليونان كانوا أكمل في ذلك من الهنود، ومن ثم تضمن قوله وجوب الأخذ بمناهج اليونان وأساليبهم الفنية، ولكنه لم يكن جامدًا، فقد قال ببعض الآراء الهامة التي لم تكن تطابق أراء اليونان، الأمر الثاني هو أن البيرونى الفلكى لم يكتف بحساب الأمكنة الجغرافية لعدة مدن، بل حسب أيضًا طول درجة العرض، وبذلك أنجز احدى العمليات المساحية الثلاث في تاريخ الفلك العربي. وقد حقق بعض وجوه التقدم النظرى بصفة عامة في الجغرافيا الطبيعية والبشرية. واتخذ مما ذكرناه انفًا من الكشف في البحر المتوسط عن ألواح سفينة عربية قبل زمنه بمائة سنة، أساسًا لاحتمال نظرى بوجود قنوات تصل المحيط الهندى بالمحيط الأطلسي أسفل جبال القمر ومنابع النيل، بيد أن هذه القنوات كان من العسير عبورها بسبب ارتفاع المد والجزر والرياح الشديدة. ومضى في حجته يقول أن المحيط الهندى فعل ما فعله تجاه الشرق فتوغل في القارة الشمالية (آسيا) وأنه شق سبلا كذلك ليوازن بينها، فاوغلت القارة في المحيط الهندى تجاه الغرب. ويتصل البحر هناك بالمحيط الأطلسي عن طريق قنواتء ومن ثم فإنه قد قرر- من حيث النظر- إمكان الدوران حول ساحل إفريقيا الجنوبي، ومع ذلك فإن هذه الفكرة- من حيث العمل- لم تتحقق على يد المسلمين، فقد بقيت حتى وصول البرتغاليين، وهنالك ألمع النهروانى إلى أن البرتغاليين ربما يكونون قد اتخذوا هذا الطريق. وقد تصور البيرونى أن جرم الأرض محاط بالماء، وأن مركز ثقل الأرض انتقل فأحدث التغيرات الطبيعية على سطحها، مثال ذلك استحالة الأراضي الخصبة قاحلة واليابسة ماءً وبالعكس. وقد وصف بأجلى بيان تصورات مختلفة حدود الأجزاء المعمورة من الأرض في زمنه، والظاهر أنه رجع في ذلك إلى