المتوكل- ظهرت كتب باطنية تتسم بالرؤى، أبدعت لدعم آمال المريدين، الذين كانوا على وشك التردى في هوة اليأس، ولإقامة الدليل للخلفاء الحاكمين على أن ما يشعرون به من إجلال شبه دينى، يجب أن يدينوا به لذرية فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم. وقد صدرت هذه الكتب في أشكال مختلفة تندرج كلها تحت العنوان الشامل جفر، الذي كثيرًا ما يضاف إلى الاسم جامعة أو الصفة جامع. وهو ذو طبيعة لها صلة بالتنبؤ والعرافة، ويلخص في شكله المتأخر في جدول، يمثل فيه الجفر للقضاء، والجامعة القدر، ويقول حاجى خليفة (جـ ٢، ص ٦٠٣ وما بعدها) في علم الجفر: "وهو عبارة عن العلم الإجمالى بلوح القضاء والقدر المحتوى على كل ما كان وما يكون جزئيًا وكليًا".
ويتضمن الجفر العقل الكلى والجامعة نفس الكل؛ ومن ثم فإن الجفر يجنح إلى أن يكون رؤيا للعالم على نطاق خارق وكونى. ويحيد الجفر عن صورته الأصلية التي تتمثل في العلم الباطنى المتسم بالرؤيا الذي يختص به الأئمه الذين كانوا ورثة عليّ وخلفائه ويصبح متمثلا في أصول فنية تتعلق بالعرافة ميسورة للحكماء أيا كان منبتهم، وبخاصة الصوفية "علم الحروف "). ويجب علينا أن نذكر أسماء أربعة من كبار الكتاب العديدين الذين اسهموا في تطوير هذه الأصول، وهم محيي الدين أبو العباس البونى المتوفى عام ٦٢٢ هـ (١٢٢٥ م) صاحب كتاب شمس المعارف وهو مصنف يوجد منه ثلاث نسخ، الصغرى والوسطى والكبرى، وقد أعدت النسخة الأخيرة للنشر بالقاهرة عام ١٣٣٢ - ١٣٣٤ هـ (١٩٠٣ - ١٩٠٦) في أربعة مجلدات. وينبغى لنا أن نذكر أن المصنف الصغير المسمى جفر الإمام علي بن أبي طالب (والدر المنظوم. المنسوب لابن عربي (انظر مخطوطة ليبسك سنة ٨٣٣، ١، وانظر مخطوطة باريس رقم ٢٦٤٦؛ وحلب- سباث ٥٧، ٣٩٦) ليس إلا فقرتى ٣٣ و ٣٤ من كتاب شمس المعارف (انظر Eine arab.: Hartmann Apokalyse ص ١٠٩ وما بعدها)؛ ومحيى الدين بن عربي المتوفى عام