من هذا المصنف قد وصل إلى المغرب فيما يبدو باسم الجفر الصغير، وليس من شك في أنه قد اقتبس ليلائم دولة بنى عبد المؤمن.
ويقول الجاحظ فيما نحله (باب العرافة والزجر والفراسة، طبعة- In ostranzev. سانت بطرسبرغ، سنة ١٩٠٧، ص ٤) "وللهند ما ليس لغيرهم من الوهم والتوهم والظن والتخيل والحدس والتركين والترجمة والتنجيم والطب والفراسة والجفر، وهو معرفة أيام السنة وهبوب الرياح وطلوع المنازل للقمر وغروبها. وعليها يعولون في حكمهم ويقولون جفر الرياح وجفر الأمطار وجفر الأنواء؛ والجفر كتاب لهم يجمع أحكام السنة ثم يقسمونها أرباعا على فصول السنة ومنازل القمر، فكل سبع منازل لربع من أرباع السنة يسمونه جفر ويقضون منه على الأمطار والرياح والأسفار والحرب وما أشبه ذاك، ومنهم تعلمت الأكاسرة والفرس سائر العلوم، وعنهم أخذوا، وهم يقتدون لاسيما في الطب والتنجيم والحرب والوهم والعرافة والزجر والفراسة". وآخر وأهم وجه من وجوه الجفر هو الرؤيا المتنبئة، وهذا بالضبط الوجه الأصلي الذي تطور كل التطور من قبل في عهد الأمويين، واتسع نطاقه في عهد العباسيين في صورة كتب التنبؤات المسماة باسم كتب الحدثان (انظر الإشارات الواردة في كتاب دى غويه: Carmathes . ص ١١٥ وما بعدها).
وكانت بداية هذه الأفكار كتاب دانيال وكانت مصنفات التنبؤات المنسوبة إلى دانيال تقرأ في مصر عام ٦١ هـ (= ٦٨٠ م الطبري، جـ ٢، ص ٣٩٩، وفيما يختص برؤيا دانيال بالعربية انظر الأشارات التي وردت في A. Abe في Stud. Isl، جـ ٢ سنة ١٩٥٤، ص ١١٢٧ م) تعليق رقم ٢). ويروى محمد عبد الملك الهمذانى المتوفى عام ٥٢١ هـ (١١٢٧ م) الذي أكمل تاريخ الطبري حتى عام ٤٨٧ هـ (١٠٩٥ م، مخطوطه بمكتبة باريس برقم ١٤٦٩، ورقة رقم ٤٥ ظهر، استشهد بها دى غويه في كتابه Carmathes ص ٢٢٥ وما بعدها؛ انظر ما نشره أ. ج. كنعان في المشرق،