الصوفيين لتكون جانبًا لا يستهان به من المعرفة الباطنية تصل إلى درجة من الكتمان بحيث "لا يقف في هذا الكتاب حقيقة إلا المهدي المنتظر خروجه في آخر الزمان"(حاجى خليفة جـ ٢، ص ٦٠٣) وهذا التنوع في العمل يتعقد تعقدلم أكثر في مناهج التصنيف. والواقع أن بعض الكتاب يتبعون الألف باء الطويلة (ألف، باء، تاء، إلخ .. ) في حين يتبع أخرون الأبجد ألف، باء جيم، إلخ). ويطلق على الطريقة الأولى اسم الجفر الكبير ويضم ألف مصدر، ويطلق على الطريقة الثانية اسم الجفر الصغير ولا تضم إلا سبعمائة مصدر. وهناك أيضًا جفر متوسط وعليه مدار الخافية القمرية والشمسية، ويفضل الكتاب هذا الجفر الأخير، ويستخدم بصفة عامة في الأوفاق الطلسمية (حاجى خليفة، المصدر السابق).
وإلى جانب هذا الوجه العددى الخفى للحروف التي تضع، بفضل أصولها الفنية والآلية، الجفر في مستوى الزائرجة؟ لا مناص هنا من أن نذكر وجهها التنجيمى. ويقول ابن خلدون (المقدمة، جـ ٢، ص ١٩١؛ Ro- senthal، جـ ٢، ص ٢١٨؛ انظر ص ١٨٤؛ Rosenthal، ص ٢٠٩) أن الشيعة أطلقوا اسم جفر على مصنف في التنبؤات التنجيمية، ألفه يعقوب بن إسحاق الكندى المتوفى بعد عام ٢٥٦ هـ (٨٧٠ م)، الذي تحدث عنه، على الأرجح، ابن النديم تحت عنوان "الاستدلال بالكسوفات على الحوادث" (الفهرست، ص ٢٥٩؛ انظر رسالة في القضاء على الكسوف، مخطوطات مكتبة الإسكوريال، تصنيف الغزيرى Casiri برقم ٩١٣، ٤؛ AS، رقم ٤٨٣٢ و ٢٧. ومن شاء المزيد من التفصيلات فليطلع على كتاب دى غويه: Memoire Surles Carmathes ليدن سنة ١٨٨٦، ص ١١٧ وما بعدها). ولم يكن هذا المصنف، الذي يحسب فيه الكندى طوالع أفراد الأسرة العباسية حتى سقوطها وفق الكسوفات، موجودا في عهد ابن خلدون، إذا كان ابن خلدون يرى أنه ضاع مع مكتبة العباسيين التي القى بها هولاكو في نهر دجلة بعد غزوه لبغداد وقتله للمعتصم آخر خليفة عباسى. ومهما يكن من أمر فإن جزءًا