للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المنقوشة والمفروشات الثمينة والمطرزات والنقوش الجميلة. ودفن خلفاؤه بالقرب منه ويرأس الطريقة دائمًا واحد من سلالة جلال الدين يعيش في قونية ويطلق عليه اسم جلبى. ويلقب جلال الدين الرومى عادة بلقب مولانا.

والمثنوى أهم مصنفات الرومى، وهو ملحمة في ستة كتب تختلط فيها الأساطير والحكايات والدلويحات والتأملات، وقد قصد بها جميعًا إلى تصوير المذاهب الصوفية وتفسيرها.

وصرف جلال الدين الرومى أربعين سنة في نظمها. وله أيضًا ديوان شعر ورسالة نثرية عنوانها "فيه ما فيه". وهذه الرسالة غير معروفة في فارس، ولكن يوجد منها عدة نسخ في مكتبات استانبول وجلال الدين شاعر من الطبقة الأولى يتصف بخلال مختلفة أشد الاختلاف: فنحن نلمس في شعره تنوع الأخيلة وأصالتها ونحس فيه الجلال والروعة وسعة العلم وشدة الأسر وعمق الشعور والتفكير. ويجب أن نسلم بأن المثنوى مفكك الأوصال من حيث التأليف، فالقصص تتتابع في غير نظام، والأمثال التي يضربها توحى بتأملات، وهذه توحى بأخرى، وهذه توحى بغيرها. ومن ثم تتخلل الرواية استطرادات طويلة. ويظهر أن هذا الافتقار إلى النظام كان نتيجة الإلهام الشعرى الذي كان يسوق الشاعر أمامه سوقًا ويقفز به قفز، ، فإذا صبر القارئ على ذلك فإنه يأنس في هذا الكتاب لذة ومتعة. ولعل قراءته دفعة واحدة تجهد القارئ، ولكنه إذا عمد إلى فتح هذه الملحمة الكبيرة عرضًا وقرأ منها بضع صفحات فلا شك أنه يتأثر بها تأثرًا بالغًا.

وجلال الدين الفيلسوف أقل ابتكارًا من جلال الدين الشاعر، فتعاليمه هي تعاليم الصوفية، وقد عبر عنها في أسلوب يتأجج حماسة، ولكنه لم ينهج في عرضها نهجًا ما، فكانت سَورة الشعر تشتط بالفكرة أحيانًا وإذ شئنا أن نقيم هذه الفلسفة فلا بد لنا أن نجمع عناصرها المبعثرة في ثنايا الكتاب وأن نخرج منها بطائفة من أصولها.