والده وبين شمس قد أبدع في "ابتدا نامه " نظرية تقول أن ثمة طبقة أخرى هي "العاشقون الواصلون"(عاشقان واصل) إلى جانب "الأولياء الكاملين"(أولياء كامل) وأسمى من ذلك مقام "المعشوق". ولم يكن أحد قد سمع شيئًا عن هذا المقام، وقد بلغه شمس. وقد بين شمس لمولانا جلال الدين طريق الحب الصوفى هذا، ولم يجد مولانا بدًا من أن يعود إلى معرفة كل شيء منه، وهذا الحب بين مولانا وشمس الدين قد جعل جلال الدين شاعرا ولكن ذلك جعله يهمل مريديه ولا يعني إلا بشمس وسخط المريدون وقالوا إنهم أهم من هذا الدرويش الأجنبي المجهول، بل يقال إنهم هددوا حياة شمس. ومن ثم هرب شمس في ٢١ شوال سنة ٦٤٥ م (١١ مارس سنة ١٢٤٦) إلى دمشق. ولكن المريدين لم يبلغوا أربهم، وتحير جلال الدين أشد الحيرة، وبعث ابنه سلطان ولد إلى دمشق. ولم يستطع شمس أن يقاوم توسلات سلطان ولد الشفوية ولا توسلات جلال الدين الشعرية المكتوبة وعاد ماشيًا مع سلطان ولد إلى قونية. على أن المريدين لم يلبثوا أن عادوا إلى الهمس وعانوا في سبيل الإبعاد بين شمس مولانا جلال الدين. ويقال أن شمسًا أعلن أنه سوف يختفى الآن إلى الأبد ولن يستطيع أن يعثر عليه بعد أحد. وفي ٥ شعبان سنة ٦٤٥ م (٥ ديسمبرسنة ١٢٤٧ م) قتل شمس بالاشتراك مع علاء الدين أخي سلطان ولد، أو بتحريضه، وألقى جثمانه في بئر، ثم تبين بعد أنه دفن على يد سلطان ولد. والظاهر أن ناووسه قد كشف عنه في الإصلاحات الأخيرة التي أجريت على المقبرة بقونية. (أ. كوليمارلى: مولانا جلال الدين، الطبعة الثالثة، ص ٨٣ ومن المفهوم ألا يذكر سلطان ولد شيئًا عن قتل شمس في "ابتدانامه " ذلك أنه أراد أن يتجنب ذيوع هذه الفضيحة الأسرية. ومن الواضح أن وفاة شمس قد حجبت عن مولانا، ذلك أنه ذهب إلى دمشق مرتين ليبحث عنه. وقد وصف سلطان ولد حالته النفسية في أبيات مؤثرة (ولدنامه، ص ٥٦ - ٥٧) فقال إنه قد غلبت عليه صفات الشاعر أكثر وأكثر، وانقطع إلى الإنصات للموسيقى و" السماع حتى لقد أحس ابنه إحساسًا