حيث توفى بهاء الدين في ١٨ ربيع الثاني سنة ٦٢٨ هـ (١٣٢١ م؛ أفلاكى، جـ ١، ص ٣٢، ٥٦). وبعد وفاته بسنة قدم إلى قونية مريده القديم السيد برهان الدين محقق لزيارة شيخه القديم فوجد أن المنية أدركته. وأصبح جلال الدين مريدًا لسيد برهان الدين حتى توفى برهان الدين بعد ذلك بتسع سنوات. على أن برهان الدين قد رجع إلى قيصرى وتوفى فيها بعد ذلك بمدة، والراجح أن ذلك كان سنة ٦٣٧ هـ (١٢٣٩ - ١٢٤٠ م)، ويقوم قبره في هذا البلد، ويقول أفلاكى أن جلال الدين شخص إلى حلب ودمشق بعد دخول السيد ليكمل دراسته. ومن المظنون أن برهان الدين قد جعله يدرك أن أباه كان إلى جانب معرفته بعلم الظاهر يعلم علما لا يدرك بالدرس وإنما يدرك بالعلم الباطنى. ولما توفى برهان الدين ظل جلال الدين وحيدا خمس سنوات، وفي ٢٦ جمادى الآخرة سنة ٦٤٢ هـ (١٢٤٤ م) قدم الدرويش المتجول شمس الدين محمد تبريزى إلى قونية ونزل بخان السكرية. ولقيه جلال الدين وتحدث معه، وسأله شمس الدين عن معنى قولة من أقوال بايزيد البسطامى فأجابه جلال الدين. ويقول أفلاكى أن جلال الدين كان قد لقى شمس الدين من قبل مرة في دمشق (فروزا نفر؛ مولانا ص ٦٥ - ٦٦). وأيا كان الأمر فإن ظهور شمس الدين تبريزى كان تحولا حاسما في حياة مولانا جلال الدين. وقد هام جلال الدين حبًا بشمس الدين على طريقة الصوفية ودعاه إلى بيته.
وسوف يحق لنا أن نذكر شيئًا عن شخصية شمس الدين العجيبة حين تنشر "مقالاته". وقد جرى هذا الشيخ صلى أن يلبس قلنسوة سوداء (كلاه) وقد نعت بلقب "برنده " الطيار لأنه كان قضى حياته قلقا دائم التجوال. صحيح أن أقواله في الكلام كانت هي الأقوال السائدة في زمانه، كما يتبين من مقالاته، إلا أنه سعى إلى أن يبعد مولانا جلال الدين عن دراسة الكتب. ويبدو لنا من مقالاته أنه كان على شيء من البلادة في خلقه. وقد سمت المصادر شمس الدين "سلطان العاشقين، ، على أن سلطان ولد ابن مولانا جلال الدين الذي كان يعرف شمسًا حق المعرفة ويدرك الصلة بين