حقا. ويقول أ. كولبيكارلى، وهو نفسه درويش مولوى سابق، إن المولوية لا يعدون طريقتهم طريقة صوفية بالمعنى الضيق. ويجنح كولبيكارلى إلى أن يربط هذه الطريقة بحركة الملامتية التي انبعثت من خراسان. بل إن المرء يدرك من قراءة مواعظ والد مولانا جلال الدين بسرور ممدوح فيها يذكره "بطيبة القلوب " عند القلندرية الذين يرتبطون بالملامتية (انظر Ritter في Oriens جـ ٨، ص ٣٦٠؛ جـ ١٠، ص ١٥). وقد عاش بعض الجلبية معيشة تشبه معيشة دراويش القلندرية مثل أولو عارف جلبى، ولم كثر منه أخوه عابد جلبى والديوانه (أي المجنون) محمد جلبى الذي استخدم في نشر الطريقة (أ. كولبيكارلى: مولانا دان صو نره، ص ١٠١ - ١٢٢). على أن هذا- بطبيعة الحال- لا يثبت شيئًا يخص مولانا نفسه. ويظهر مولانا رجلا يحب الناس جميعًا، أبعد ما يكون عن التعصب، عاطفيا شديد العاطفة، ونستطيع أن نحكم من قصائد الحب التي يخطئها الحصر في الديوان أنه كان يسهل إثارته، ويجنح إلى أن يفرغ ثورته في الذكر. أما مسألة هل أراؤه الدينية فيها شيء من الأصالة إلى جانب التقوى الصوفية العامة المأثورة عن زمانه فأمر يستبين من تحليل آثاره وهي:
(١) الديوان: ويشمل غزليات ورباعيات؛ وثمة أشعار رومية وتركية أيضًا فيها، ويدل وجودها على صلة كانت بينه وبين طوائف من العامة كما يدل كذلك على صلته بعناصر غير إسلامية من سكان قونية؛ وكان يوقع أشعاره (تخلص) باسم "خاموش". على أن هذا اللقب كان يستبدل به في معظم الأحيان اسم "شمس تبريز". وفي بعض غزلياته كان يظهر أيضًا اسم صلاح الدين توقيعًا له (تخلص). وقد حل محل بعض الانطباعات والطبعات السابقة طبعة جيدة قام بها بديع الزمان فروزانفر باسم "كليات شمس يا ديوان كبير، مشتمل بر قصائد وغزليات ومُقطَعَّات فارسى وعربى وترجيعات وملمعات أزكفتار مولانا جلال الدين محمد مشهور بامولوى"، طهران سنة ١٣٣٦ وما بعدها، وقد ظهر من هذه الطبعة حتى الآن ثلاثة مجلدات. وهناك ترجمة