الله، أي فعله المستمر كل لحظة، وبين نتيجة صنعه أي "مصنوعه" وبين "القضاء""والمقضى". فالمرء يجب عليه أن يحب "صنع" الله لا "مصنوعه " كما يفعل عبدة الأصنام (جـ ٣، ص ١٣٦٠ - ١٣٧٣) المرء إذا كانت عيناه الروحيتان يقظتان، يدرك في الوقت نفسه أن الله هو الذي يسيره ويحركه (جـ ١، ص ٥٩٨ وما بعدها) وأنه حر تمامًا، حرية تعلو بما لا يقاس على الحريات الصغيرة التي للإنسان العادى (جـ ١ ص ٩٣٦ - ٩٣٩). وبلوغ هذه الحرية العميقة عند الله يقتضي بذل الجهد والعمل (كوشش؛ انظرجـ ١، ص ١٠٧٤ - ١٠٧٧). والأمثلة الكاملة على هذه الحرية العليا هي الأولياء والأنبياء (جـ ١، ص ٦٣٥ - ٦٣٧).
الحياة بعد الموت: والقرب من الله في العوالم الأخرى لا يحسه جلال الدين على أنه فناء حقيقى للإنسان في الله فلا يبقى منه شيء. فالمجازات التي يستعملها للتعبير عن الفناء في فقرة هامة من المثنوى (جـ ٣، ص ٣٦٦٩ وما بعدها) هي على سبيل المثال كما يأتي: لهيب الشمعة في وجود الشمس (على أن الشمعة تبقى مع ذلك "إذا وضعت قطنا عليها، فالقطن تأتى عليه الشرارات ") أو الأيّل في حضرة الأسد، أو ما يضربه في غير ذلك من المواضع من مثل الحديد المحمر في النار، حين يتخذ الحديد خصائص النار دون أن يفقد جوهره الذاتى. وفي هذه الحالة يمكن أن يكون نارًا كما يكون حديدًا فالروح بالقرب من الله تصبح شيئًا "تعصف بمشيئته العواصف وتفيض الأنهار وتسير الكواكب بحكمته كما يشاء الباري"(جـ ٣، ص ١٨٨٥ ما بعدها). ويحكى جلال الدين في فقرة أخرى عن محب مات حين بلغ حضرة محبوبه تعالى و "طار الطائر" أي روحه، من جسده، ذلك أن الله من صفاته أنه إذا أقبل لم يبق منك شعرة واحدة" (جـ ٣، ص ٤٦١٦، ٤٦٢١) ويالها من فكرة مشجعة لدى مؤمن بوحدة الوجود! على أن جلال الدين على استعداد دائما لأن يفاجئنا بقلب المشهد. وذلك أن الخاتمة الحقيقية للقصة تروى في بعض الأبيات بعد ذلك بعنوان: "كيف دلّل المحبوب الحبيب