كون الجذم ج م ع شائع الاستعمال كل الشيوع فإن كلمة "جماعة" لا تدخل في مفردات الكتاب الكريم، على أنها لم تلبث أن ظهرت مثلًا في "الوثائق " الديبلوماسية التي نقلها ابن سعد ونسبها إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فقد أرسل النبي صلى الله عليه وسلم رسالة إلى صاحب البحرين يقول فيها:"ولتدخلن في الجماعة"، وقد قدر لهذا المصطلح أن يصبح عامًا في السّنة. وسنقتصر على حديثين صحيحين شائعين رواهما ابن عباس:"من فارق الجماعة شبرا خلع ربقة الإسلام من عنقه ""ومن فارق الجماعة مات ميتة جاهلية" (تر جمة H.Laoust).
وكثيرا ما تترجم كلمتا أمة وجماعة في اللغات الأوربية بكلمة واحدة هي " Community " والواقع أن الكُتاب المسلمين لم يجدوا صعوبة في استخدام إحداهما بدل الأخرى (ويستعمل الحديث المشهور "لا تجتمع أمتى على ضلالة" كلمة أمة؛ انظر - Wen Handbook - sinck، ١٤٨) . وإذا غضضنا النظر عن الاشتقاق، فإن المرء ليرغب في التفريق بينهما، فالأمة هي الجماعة من حيث هي تكوّن أمة على أساس دينى فقهى، أما الجماعة فهي مجموع المؤمنين توحّد بينهم عقيدة مشتركة. وكل من المصطلحين يفصح عما يفصح عنه الآخر من "الرغبة في العيش معا" (L. Massignon) وهو أمر من خصائص الإسلام طبقا لشريعة في السلوك قررها القرآن للحياة الدنيا والحياة الآخرة. ولكن رأس الأمة هو خير ما يشار إليه في دراسة البناء المثالى لهذه الجماعة كما حكمت به السياسة الشرعية، في حين أن المصطلح "جماعة" يركز انتباهنا على الرابطة التي تصوغ من طائفة من الأشخاص جماعة من المؤمنين. وقد نضيف إلى ذلك أن "الأمة" في الاصطلاح الإسلامي الشائع بل في الإحساس العام الواقعى، هي التي تعبر أولًا وبأقوى أسلوب عن قيم الموحدة والتضامن.
وقد أصبحت كلمة جماعة بما تضمنته من معنى عقائدى تحمل مدلولها الاصطلاحى الدينى، وهذه