الجماعة من المؤمنين توحد بينها عقيدة ومن ثم فهي تقابل هؤلاء الذين "يخرجون، والذين "يبتدعون" وإن كان هؤلاء لم يتركوا رسميًا الأمة القائمة على هذا الأساس) وهي تجعل عين "الجملة" أي غالبية المسلمين في مقابل الفرق التي "اعتزلت" ويقول الفُضَيل إن يد الله مع الجماعة وإن الله لا ينظر إلى أهل البدع.
وأشيع تعبير مستعمل يتضمن المدلول العقائدى هو "أهل السنة والجماعة"، وفي هذا الصدد يكون السند المتكافئ هو الحديث النبوى وجماعة المؤمنين (انظر - L. Veccia Va glieri في Studi Orientalisici in onore di Giorgio Levi Della Vide، جـ ٢ ص ٥٧٣ وما بعدها). و "أهل الحل والعقد" هم من وجهة نظر مختلفة اختلافا يسيرا عن ذلك يساوون في الحجية الأحاديث والجماعة. فهم ممثلو "الأمة" من حيث هم يعبرون عن "الإجماع".
والجماعة والإجماع كلمتان من جذم واحد، ويمكن أن يقال إن الإجماع هو اتفاق الجماعة: والحديثان اللذان رواهما ابن عباس وذكرناهما آنفًا، وكذلك الحديث الخاص بالأمة هي من النصوص القدسية التي قررت الإجماع.
والحق إن مدى ماتتضمنه الجماعة قد أصبح مرتبطًا ارتباطًا وثيقا بالمفهوم المقرر للإجماع ونحن نجد في تطور الفكر الحنبلي التزامًا خاصًّا جدًّا بالجماعة، وكان مدلول الجماعة هو السابقون إلى الإسلام دون سواهم. ومن السمات البارزة للعقيدة الحنبلية أن الإجماع الوحيد الذي له قيمة هو إجماع الصحابة. وقد عرّف البربهارى من حنابلة القرنين الثالث والرابع الهجريين (التاسع والعاشر الميلاديين) الجماعة بأنها "الدين العتيق " الذي نستطيع به أن نفهم شعائر الصحابة وعقائدهم وعاداتهم في عصر الخلفاء الراشدين الثلاثة الأولين (أبو الحسين الفرّاء طبقات الحنابلة، جـ ٢، ص ٣٢ - ٣٣؛ فيما نقله عنه Ibn batta: H.Laoust ص ١٩، تعليق ١)، على أنه إذا كانت الجماعة بمعناها الدقيق الذي لا يحيد هي جماعة الصحابة، فإنه يبقى لنا من ذلك أنه كل مسلم ملزم خلال القرون