بأن يتبع الجماعة ويعمل بما تقول. و "لزوم الجماعة" واجب على المؤمن شدد عليه الحنابلة في دأب وإصرار (انظر مثلًا ابن بَطة: الإبانة، ٥/ ١٠) وتأسيسًا على ذلك يبقى المؤمنون على "جماعة الدين العتيق " خالدين خلال العصور وفي كل حقبة يدخل في الجماعة أولئك المسلمون الذين يلتزمون الحديث كل الالتزام، وقد وصفهم ابن حنبل في العقيدة الأولى فقال إنهم "أهل السنة والجماعة والأثر" وبذلك جمع الاصطلاحين الأولين: "أثر النبي"[- صلى الله عليه وسلم -] والصحابة (انظر Jbn Batta: H. Laoust ص ١١، تعليق ١). وقد قدر لمصطلح "أهل الحديث" أن يصبح مرادفا مقاربا في المعنى حتى ظهر اصطلاح "أهل الحق" الذي نزع من بعد إلى سيادة المصطلحات الأخرى.
وقد ظل مجرى العقيدة الحنبلية أمينا لهذه الفكرة عن الجماعة ترتكز على عقيدة أهل الدين العتيق من حيث العقيدة الوثيقة دون سواها وشاهد على ذلك أن ابن تيميه يتحدث عن الأمة والجماعة، وقد شدد على وجوب أن يتبع "أهل السنة والجماعة" "آثار النبي [- صلى الله عليه وسلم -] في باطنهم كما في ظاهرهم وأن يتبعوا على هذا النحو سبل الصحابة (الواسطية ص ٣٤؛ انظر H. Laoust: كتابه المذكور، ص ١٠ التعليق).
وهذا الاستمساك بالجماعة عند الحنبلية الذي ينطوى على التوقير قد وصل بهم أخر الأمر على نحو من التقديس الباطنى، إلى حد أنهم تمثلوا المؤمنين الذين التفوا حول النبي [- صلى الله عليه وسلم -] في العهد المديني، وأصبح هذا الدين العتيق يتبعه كل جيل من المؤمنين حتى قيام الساعة.
ولا يصدق هذا على غيرهم من المذاهب، وشاهد ذلك أن الاجماع بقدر ما كان مدلوله (عند المذهب الشافعي مثلًا) يفهم منه أنه إجماع الفقهاء الذين يعيشون في جيل معين، ويصبح "المصدر" الرابع (متميزا عن السنة) للشريعة الإسلامية، فإن الجماعة فقدت ارتباطها التاريخي الدقيق بالسنين الأولى للإسلام. فنحن نجد الطبري (فيما نقله عنه رشيد رضا: الخلافة، ص ١٤) قد أنكر الاجماع إذا اقتصر