على جماعة الصحابة، وهو يقول إن "لزوم الجماعة" يجب أن يحدد دون الرجوع إلى وقت بعينه، بأنه أن تطيع الجماعة الإسلامية ولى الأمر الذي اختارته بنفسها، وكل من نكث بعهده مع ولى الأمر وجب أن يترك الجماعة. والفعل الذي استعمل في هذا الصدد وهو أن تطيع ولى الأمر يثير فكرة "الرجل الذي يتولى السلطة" ويجب أن نفهم من ذلك أنه يشير إلى "الإمام، وهو مرشد الجماعة وقائدها. ومن ثم وجب أن تعرف الجماعة لا بالإشارة إلى المسلمين الأولين دون سواهم، بل بالإشارة إلى كل إمام شرعي بايعته الجماعة. ومن ثم أصبحت الجماعة تبعًا لهذه النظرة حقيقة واقعية أكثر منها قيمة عقائدية في جوهرها، وهنالك جنح الأمر إلى أن تحل محلها كلمة أمة.
وهذا ملحوظ كل الملاحظة في علم الكلام. وعلى الرغم من احترام أبي الحسن الأشعرى الأكيد لابن حنبل، فقد قيض له أن يقدم عقيدتيه المشهورتين في كتابيه الإبانة ومقالات الإسلاميين في ثوب بسيط هو إجماع أهل السنة، ولا نجد عنده فكرة "الجماعة" ماثلة إلا في مسألة واحدة هي شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأصحاب الكبائر في الجماعة، ومع ذلك فقد استعمل هنا كلمة أمة (مقالات الاسلاميين، جـ ١، ص ٣٢٢). وكذلك الأمر في "اللمع " سواء كانت المسألة مسألة نظرة المعتزلة (ذمت أو خولفت) أو إجماع من حيث هو أساس الإجماع، فإن الذي ظهر في هذا المقام دائما هو كلمة أمة. ولم يكن من مهمة علم الكلام أن يفرد فصلًا للجماعة. أما من حيث الكتب التي تتناول "الفقه العام" فهي تنظر إلى "الإمامة" أو "الخلافة" من حيث ظروف السلطة، ولا تعنى بتحليل العناصر التي تتكون منها الجماعة. وقد أصبح الاصطلاح "أمة" شيئًا فشيئًا هو الذي احتوى الغيرة الجماعية للمؤمنين.
ومع ذلك فإن اصطلاح "الجماعة" بمفهومه الدال على وحدة العقيدة لم يختف تمامًا من مفردات المصطلحات، فنحن نجده في مواضع مختلفة من كتب كثيرة، وهذا أيضًا هو الذي في كتب الأيام المعاصرة لنا. وهو يرد